أنا حاليا في مهرجان الشعر الأفريقي في جنوب افريقيا.
لقد كنت مستعدا لكثير من الأسئلة إلا سؤالا واحدا: كيف حال الشعر عندكم؟
وكأني لأول مرة أسمع هذا السؤال.
تم سؤالي من كل شاعر التقيت به. علما أن الشعراء الموجودين في المهرجان من أكثر من 25 دولة.
اكتشفت أن هذا السؤال مقلق ومحير وحزين في نفس الوقت.
ماذا أقول عن الشعر عندنا؟
هل أقول أنهم لا يؤمنون بشعر التفعيلة والشعر الحر وشعر النثر؟
هل أقول أن هناك معارك أدبية حول تفضيل بعض الأجناس الأدبية على بعضها الآخر؟
هل أذكر لكل سائل الاستدعاءات التاريخية الشعرية التي تحصل شبه يوميا مع المتنبي وغيره؟
هل أذكر الجدل العقيم حول شاعرية نزار وأنسي الحاج وغيرهما من الشعراء؟
هل أقول الحرب الضروس بين تفضيل الشعر الفصيح والشعر العامي المحكي؟
كيف يمكنني أن أجيب عن حالة الشعر العربي؟
وإذا افترضنا أن هناك شبه اتفاق على كل ما سبق: فكيف الحال مع الشعر المترجم من اللغات الأخرى إلى العربية والعكس كذلك؟
لازلنا في خندقنا القديم الخندق البائس والبئيس وهو أن الشعر لا يُترجم وأن الترجمة خيانة للنص.
التقيت بشاعر من توغو وسألته لماذا تكتب الشعر ولم تكتب المقالة أو القصة القصيرة أو الرواية؟
قال لي: لقد بدأت في كتابة الشعر وأنا صغير، كان لدينا شاعر عظيم في توغو وكان مثالي الأعلى، وذات مرة جاء ضيوف من ألمانيا لمدرستنا فاختارتني المدرسة من أجل قول قصيدة ترحيبية بهم، فعملت قصيدة ولما ألقيتها أعجبوا بها اعجابا شديدا، وقال لي: لقد كانت قصيدة قوية لأن قدوتي الشعرية كانت قوية فأنا أصبحت مثل قدوتي، ومن بعدها استمريت في قول الشعر حتى فزت بجائزة عالمية العام الماضي وعمري أقل من 34 سنة.
وشاعرة من جنوب أفريقيا سألتها: هل تؤمنين بأن هناك حياة أخرى بعد الموت؟ قالت: نعم.
قلت هل سيكون في الجنة شعراء؟
قالت: نعم سيكون الكثير منهم هناك.
قلت لها: بعض الشعراء يريد أن يدخل جنة الدنيا أولا، وبعدها يفكر في الجنة الأخرى.
على العموم: سوف استمر بقول الذي أؤمن به بصرف النظر عن الإيهاب واللباس الذي سوف تمنحني إياه “مدرسة الشعر العربي”.
في الأخير الكلمة الصادقة سوف تصل رغم كل المسميات، ولكن يبقى السؤال المحير:
كيف حال الشعر عندكم؟