7أكتوبر

لكني أعيش بالفعل في عالم آخر!

هناك روايات كثيرة عن آخر كلمات قالها نيتشه لأخته إليزابيث قبل أن ينحدر إلى الجنون ولكن من الروايات التي تقول أنه قال هذه العبارة.
إنها لحظة مؤثرة وشخصية عميقة في التاريخ كله.
“التزمت الصمت عندما لم يعد أحد يستطيع أن يفهم كلامي. كنت أعيش معهم في نفس الغرفة ولكني كنت أعيش بالفعل في عالم آخر”.
يشعر نيتشه بالعزلة والإحباط بسبب سوء الفهم.
لقد شعر نيتشه أن أفكاره الفلسفية كانت متقدمة جدًا وجذرية لدرجة أن من حوله لم يتمكنوا من فهمها. وقد ساهم هذا الشعور بسوء الفهم في شعوره بالوحدة العميقة التي تجذرت داخل كيانه.
على الرغم من كتاباته الغزيرة شعر نيتشه بأنه لا يستطيع إيصال أفكاره إلى الآخرين بشكل كامل. هذا الصراع الداخلي بين الرغبة في التعبير وواقع سوء الفهم أدى إلى صمته وإلى جنونه لاحقا.
حينما يشعر المبدع بأنه غريب داخل بيته وأنه غير مفهوم تزداد احتمالية عدم استقراره العقلي، إن المبدع لا يتحمل أن يكون غير مفهوما لأنه يشعر بالإهانة ويشعر بعدم التقدير والرغبة في الانزواء وعدم ملاحقة العالم.
نيتشة تفاقمت عنده مشاعر العزلة والاحباط مما أدى إلى انهياره العقلي في عام 1889م.
كانت علاقة نيتشه معقدة مع أخته إليزابيث وبينما كانا قريبين في شبابهما توترت علاقتهما بسبب اختلاف وجهات النظر.
الأخت التي استغلت وضع أخيها الصحي وجعلت الزيارات له مقابل المال، وتم تصوير نيتشه في أسوأ حال؛ بل في حالة يرثى لها، ينبئك عن مدى سوء الأوضاع التي كان يعاني منها نيشتة داخل البيت.
من المفترض أن يكون البيت هو الملاذ الآمن للفرد، ولكن تخيل أن يكون هذا الملاذ الآمن هو البيئة الطاردة للمبدع؟!
تنقل كلمات نيتشه إلى إليزابيث إحساسًا عميقًا بالغربة والواقع المأساوي لكونه صاحب رؤية لم يتم فهم أفكاره أو تقديرها خلال حياته.
قالت إحداهن: (حاولت فقط ترك الحصى على طول الطريق كي لا يضيع أحدا). بينما عائلة نيتشة وضعت الحصى في طريقه
لإعاقته وتبديد جهده..
الحصى في الطريق واحد؛ لكن النية مختلفة!

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *