­
9أبريل

كودو وشباب البومب: عندما يتحول الاتصال الثقافي إلى وجبة

كنت ومازلت أشدد على أهمية الطعام وربطه بالثقافة وأن الطعام ليس مجرد غذاء، وكثير من الشركات أدركت هذا من زمن بعيد لاسيما إذا علمنا أن الثقافة المحلية أصبحت “رأس مال ناعم”؛ ولذلك نرى كثير من العلامات التجارية تربط منتجاتها بسياقات ثقافية مألوفة بحثا عن عمق في التأثير وابتعادا عن الرسائل الإعلانية الفجة المباشرة المستهلكة.
في خطوة اتصالية ثقافية ذكية قام مطعم كودو وهو أحد أبرز سلاسل الوجبات السريعة السعودية  بتقديم وجبة “فالكنوز” بالتعاون مع فريق الألعاب الإلكترونية Team Falcons، وحاليا “بوكس شباب البومب” المستلهم من المسلسل السعودي.

السؤال الذي قد يُطرح: ما الذي يريده كودو من مثل هذه الشراكات المحلية لاسيما إذا نظرنا للمنافسين لكودو فإنهم يتجهون إلى ربط منتجاتهم بشخصيات وألعاب عالمية؟

دعنا نرى وجبة “فالكونز” فإنها لم تكن مجرد شراكة مع فريق ألعاب بل كانت ربطا مباشرا بين منتج غذائي وتجربة رقمية يعيشها الملايين من شباب وفتيات المملكة.
الفريق الذي يمثل طموح جيل جديد في ميادين الترفيه الرقمي تحوّل إلى رمز ثقافي وهذه الشراكة آتت ثمارها لاسيما إذا علمنا -بناء على المصادر- أنه في خلال 3 أسابيع تم بيع أكثر من 800,000 وجبة بمعنى 38,000 وجبة يوميا!

هل كودو توققت عند هذا النجاح؟ لا، غاصت أكثر في السياق الشعبي المحلي بإنتاجها لـ “بوكس شباب البومب” وهو ليس مجرد اسم للمسلسل بل حوّلت كودو شخصياته ومواقفه إلى ملصقات وبطاقات إلى تجربة تسويقية كاملة.

كودو دائما يهتمون بالاتصال الثقافي المحلي فقبل فترة كان لديهم شعار: “سعودي ولد بلد” وهذا يدل على أن كودو لا يعامل الاتصال الثقافي كتكتيك مؤقت بل كجزء من هويته التسويقية المستمرة.

كودو يسعى إلى اتخاذ مكان له داخل بنية الثقافة اليومية للمجتمع لا على أطرافها.
بدل أن يقول “نحن الأفضل” يقول “نحن منكم” وهذه رسالة فعالة جدا في عصر لا يثق فيه المستهلك بسهولة.

الاتصال الثقافي هنا لا يستخدم فقط لتزيين الإعلان بل لصناعة تجربة يعيشها الزبون، ويفهم رموزها، ويشعر بالانتماء إليها وهو ما يجعل هذه الشراكات أقرب إلى “Co-Branding” عاطفي أكثر من كونها مجرد دعاية تبادلية.

ما فعلته كودو ليس مجرد بيع وجبة جديدة: إنه بناء جسر بين المنتج والجمهور عبر الرمز الثقافي وهو ما يجعل السؤال اليوم في غرف التسويق ليس فقط: ماذا سنبيع؟ بل: كيف سيشعر الناس عندما يشترون هذا الشيء؟

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *