نشرت الأستاذة زينة حموي منشورا تقول فيه
لا أؤمن بمن ليس معه أصدقاء قدامى.
شعرت أنها تكلمني/ تخاطبني بعيني..
فتشت سريعا مرعوبا في قائمي هاتفي لأبحث عن أصدقائي القدامى..هل هذا يعني أني لست أهلا لثقتها؟
أريد أن احتفظ بثقة الأستاذة زينة بوجود صديق
قديم؛ لكني توقفت لبرهة: ما معنى صديق قديم؟
هل طول السنوات يكفي؟ أم عرض المواقف؟!
وجدت لدي أصدقاء من أيام المتوسط والثانوية وما بعدها، أما رفقاء الابتدائية فلا سبيل لهم وقد رحلوا
من الذاكرة والواقع..
هنا سؤال: ما الحال فيمن غادرنا بمحض إرادته؟
أذكر مرة بعد انتهاء المرحلة الثانوية وفي الأيام
الأخيرة اجتمعنا في الفصل وتواعدنا جميعا أن نبقى
على اتصال وسوف يكون بيننا اجتماعات، الكل
وافق إلا طالب واحد قالها أمام الملأ جميعا: أنتم
زملاء دراسة وستبقون كذلك ولا أريد أن تكبر
العلاقة لأكبر من هذا!
إلى الآن ما زلت أذكر اسمه وصفته وملامحه ولا يمكن
أن أنساه، ربما لأنه رفضنا جميعا وقدام الكل..
الآن بعدما كبرت عرفت أنه ربما كان محقا؛ ولكن
في نظرة الأستاذة زين: هل هو وفي؟
الله أعلم..
تقول: لا تصادق إذا كانت تضايقك فكرة (المونة)
فالصديق “موان”.
هذه العبارة تحديدا تذكرني بعبارة لسيلفيا بلاث في مذكراتها حينما قالت: “يارب من أين ستأتي قوة الاندماج؟
حياتي حتى الآن تبدو فوضوية، غير مقنعة، غير منظمة” وأنا أقول كما قالت: أهلا بالأصدقاء ولكن من أين ستأتي قوة الاندماج=المونة.
قلت ذات قصيدة:
أحمي وفودَ الذِّكرياتِ مِن التشوُّهِ ..
أُعطيهم حقَّ تقريرِ المصير..
الكلُّ يحملُ حقيبتَهُ، وأنا وقلبي نحصي
الطَّعناتِ إحصاءَ البريدِ ..
جميعُهُم يتهافتُون على بَوَّابةِ المغادرةِ ..
أُعطيهم هديَّةً تذكاريَّةً ..
حقيبةَ إسعافاتِ الحنين..
مُلمِّع
ونظَّارة
وسمَّاعة ..
أنثرُ أسماءَهُم على مزرعتي ..
ماذا تفعلُ؟
لا شيءَ: فقط أحمي وقودَ الذَّاكرةِ ..
في زمن مضى كفرت بالصداقة مما أدى بي إلى كفري بالحب ولذلك ألفت كتاب
طبيعة الحب لمحاولة فهم مكون الصداقة وبعده مكون الحب، ثم أبت راشدا
للصداقة والحب..
لا أزعم أني صديق جيد؛ لكنني على أقل الأحوال أحاول أن أكون كذلك!
مقال الأستاذة زينة كان “أثر الفراشة” وكما تعلمون أثر الفراشة لا يزول..