12ديسمبر

الفشل بامتياز

نشرت صورة كتاب (الفشل بامتياز نسف أساطير الفشل والنجاح) وكتبت لأصدقائي المتابعين هل تريدون مراجعة لهذا الكتاب؟ وكانت الإجابة بنعم كثيرة جدا ولذلك استعنت بالله وأتممت قراءته.

سوف اختصر الكتاب قدر المستطاع؛ لأنه مهم جدا.

ينظر هذا الكتاب إلى الفشل باعتباره جزءا متكاملا مع الوجود الإنساني، ويقسم الفشل

إلى ثلاث درجات.

-إخفاقات الدرجة الأولى

هي الأكثر تدميرا وهي الإخفاقات التي ينتج عنها مصائب شاملة وفقدان للحياة مثل الطائرات التي تخفق في بلوغ وجهتها والأخطاء الطبية التي تفضي إلى موت المريض أو فشل العدالة الذي ينتج عنه اتهام الشخص الخطأ بالجريمة.

إن لهذه الإخفاقات نتائج لا رجعة فيها ولا تعويض لها إذ يموت أناس وتتضرر أشياء بشكل لا يقبل الإصلاح. وهنا لا يعود ممكنا لنا أن نمجد هذه الإخفاقات أو نثني على مرتكبيها، وإذا كنا سنتعلم منها فهو أن نمنع وبأي ثمن تكرار حدوثها.

-إخفاقات الدرجة الثانية

وهي الإخفاقات التي تحدث عند تحديد أهداف سامية ولكنها لا تتحقق مثال مهمة مركبة أبولو13 إلى القمر والتي فشلت ولكنها لم تؤد إلى خسائر أرواح، أو رحلة إرنست شاكلتون 1914-1916 عبر القارة القطبية الجنوبية المحكومة بالفشل، بقي الرجال الثمانية والعشرين جميعهم أحياء رغم فقدهم كل شيء وعدم تحقيق هدفهم في عبور القارة على الإطلاق. إن إخفاقات الدرجة الثانية عبارة عن رحلات مغامرة أو رحلات علمية تم توقع نتيجة لها لكن ما حدث نتيجة أخرى غير متوقعة على الإطلاق.

تخلق هذه الإخفاقات خلافا لسابقتها من إخفاقات الدرجة الأولى إبداعات وإسهامات غير متوقعة وأفكار جديدة وتؤدي إلى النماء الشخصي والتطور وإلى فوائد خفية ودروس من نوع لا بمكن تحقيقه بدون اجتياز أقسى وأصعب الظروف، إن هذه الإخفاقات قابلة للثناء عليها لاحتوائها قيمة جوهرية ولكونها محفزات للتغير وجالبة للمعارف الجديدة القيمة للعالم.

والسؤال المطروح هو إذا ما كان يجب اعتبار إخفاقات الدرجة الثانية إخفاقات أصلا.
لأنك إن لم تفشل، فأنت لا تحاول، وإذا لم تفشل فشلا ذريعا مرة، فإنك لا تطمح بالقدر الكافي غالبا.

إخفاقات الدرجة الثالثة

هي الإخفاقات التي نقرر نحن أنها كذلك، ومن الواضح أنها ذاتية مثل الفشل في الالتحاق بالجامعة أو تكوين علاقات معينة أو الحصول على ترقيات وظيفية وغيرها.

تجعلنا هذه الإخفاقات نشعر بالسوء تجاه أنفسنا، ونفشل في فصل أنفسنا وقيمنا الخاصة عن هذه الإخفاقات.

إن لهذه الإخفاقات مقاييس مفروضة عشوائيا من قبلنا، والخط الفاصل بين ما يسمى الاجتياز أو النجاح وبين الفشل مرسوم بشكل غريب حيثما نعتقد أننا نرسمه.
إننا نخلق دون وعي منا نظاما من الإخفاقات المحتملة، ولذلك يكون من الأفضل أن نفهم المجازفة الكامنة في السعي إلى النجاح.

إذا أردنا أن نغيّر حياتنا على نحو إيجابي يجب أن تصبح أفكارنا عن الفشل أكثر تطورا.

تصوراتنا عن الفشل محكومة بالظروف وهي لا ترتبط في الغالب بالحقائق التي تواجهنا.
إن تصورنا عن الإخفاق يعتمد على السيناريو الذي كتبناه.
إن الطابع الظرفي لإحساسنا بالخسارة أو الخيبة يعود بالضبط لكونه متعلقا بسياق ما.

إن تصورنا عن الفشل هو أمر شخصي إلى حد بعيد. فما يبدو فشلا بالنسبة لشخص ما
يُمكن أن يكون نجاحا بالنسبة لشخص آخر.
لنتخيل شخصين في ظروف مختلفة جدا: توم الذي تعرض لغيبوبة لثمانية أسابع، ليتمكّن بعدها من السير لمسافة ستة أقدام بالغرفة.
هذا يعتبر نجاحا كبيرا، أما سالي التي أخفقت في الوصول إلى قمة جبل إفرست في مغامرتها الأخيرة، فهي تشعر كما لو أنها فاشلة.

إذا أدركنا أن حالات الفشل ليست أشياء موضوعية تحدث لنا عندما نقوم بالأمور على نحو خاطئ، بل إن أنفسنا والآخرين يقومون بإعدادنا. فنحن نربط ونقارن أنفسنا بالآخرين، وبرغباتنا وتوقعاتنا، ونسم أنفسنا وفقا لتلك التوقعات المتغيرة دائما، معتقدين أن هذه السمات دائمة.

يجب أن نتخلى عن الاعتقاد بأن حياتنا مجرد سلسلة من النشاطات لوضع الأهداف وتحقيقها.
لابد أن نتخلى عن فكرة أن الحياة سباق وخط نهاية، ونستبدلها بفكرة الحياة عبارة عن رحلة وهناك عقبات ومخاطر على طول الطريق، وطالما أننا أحياء تتمتع حياتنا بهدف، نحن نضع ذلك الهدف.

إذا آمنّا بالحياة على أنها سلسلة من الدرجات على سلم يقود إلى القمة، سيكون معظمنا فاشلا، ولكن إذا أزلنا السلم جانبا، فلن يكون هناك فاشل، نحن موجودين فقط في نقاط مختلفة على طول سلسلة متصلة، فالحياة قصة وليست سباقا.

هناك أفكار مساعدة لإيجاد روايات معاكسة عن الفشل
-استراتيجية مسيرة البطل: أنظر إلى النكسة كجزء من مسيرة الحياة، وكشيء يجب التغلب عليه.

-استراتيجية البطل السلبي: الاعتراف بالنمط: تحديد الخلل، وفهم السبب الذي أدى لذلك بالمقام الأول.
-استراتيجية الخسارة: تقبّل ما لا يمكن إزالته، لا تلم نفسك على النتيجة.

-فم بأفضل ما يُمكن في الوقت الحاضر، وأعد صياغة رواية الفشل.

نحن في الغالب نضلل ونظلم أنفسنا ونستهين بحاضرنا عندما نعتبره فاشلا لأنه لا يتوافق مع رغباتنا أو مع الصورة المثالية في ذهننا، فهذه الطريقة تخص أولئك الذين يعجزون عن رؤية النجاحات التي يحققونها بسبب النجاحات المتخيلة التي يرغبون بها، فالرغبة في هذه الحالة هي التي تولّد الإحساس بالفشل.

هذا مختصر حاولت فيه أجمع أهم وأبرز الأفكار في الكتاب، الكتاب يقع في 248 صفحة من القطع المتوسط، من إصدارات دار الخيال عام 2021.

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *