أناييس نن ترافقني هذه المرأة بكتابها الرائع تقديرا للرجل الرهيف ومقالات أخرى، ترجمة د.محاسن عبدالقادر.
هذه المرأة الأديبة والروائية ذائعة الصيت والتي عشقت أن يدار حولها وحول حياتها الكثير من الجدل بسبب يومياتها المشهورة وعلاقاتها المتعددة رغم زواجها.
في هذا الكتاب الجميل تأخذنا أناييس كعادتها في أفكار خلّاقة وبمقالات متنوعة حول الكثير من القضايا الأدبية والاجتماعية والثقافية والكتاب جاء في ثلاثة فصول: الفصل الأول: نساء ورجال، والثاني: الكتابة، والموسيقى، والأفلام، والثالث: أماكن ساحرة وهو يتحدث عن رحلاتها.
تحدثت في أول مقالة عن الغريزة الجنسية عند المرأة والمقال طويل جدا وفيه أفكار اتفق معها وهناك أفكار محل خلاف ولكنها في المجمل أفكار تستحق النظر ويمكننا الخوض فيها.
في المقال التالي جاوبت أناييس عن سؤال مهم جدا وهو: لِمَ يكتب المرء، وقالت:
نكتب لنرقى بإحساسنا بالحياة، ونكتب لنجتذب الآخرين ونأسرهم ونواسيهم، ونكتب لنتغنى بأحبتنا ولنتذوق الحياة مرتين، لحظة عيشها وعند استعادة هذه اللحظات فيما بعد.
نكتب لنوسع عالمنا حين نشعر بالكبت أو التقييد أو الوحدة.
نكتب مثلما تغني الطيور ويرقص البدائيون في شعائرهم.
عندما لا أكتب أشعر أن عالمي يتقلص وأشعر أننني في سجن وأشعر أني فقدت حيويتي وجوهري.
ينبغي أن تكون الكتابة ضرورة، مثل حاجة البحر للهيجان، وأنا أسميه التنفس.
وأعجبني قول بودلير لها: أنه في داخل كل منا يوجد رجل وامرأة وطفل، والطفل هو من يقع دائما في ورطة.
وكذلك ما قالته عن الإرادة الإبداعية: والذي يشير إلى القدرة الإنسانية على توجيه الإرادة نحو الإبداع والتجديد بدلاً من الاستسلام للجمود أو التكرار والذي بشكل أو بآخر يقلل من قيمة الشغف ويقول أن أمر الإبداع قرار وليس إلهام أو شغف وهذا الذي جعلها تكتب وتواصل الكتابة وأعمالها تستقبل بالصمت التام لعشرين سنة؛ لأن كان لديها الإيمان بضرورة أن تكون فنانة بصرف النظر عما يحدث حتى لو لم يكن ثمة من يستمع!
وفكرتها رائعة التي قالتها عن علم النفس: أكثر ما يعجبني في علم النفس هو فكرة أن القدر أمر داخلي وفي أيدينا.
وتحدثت كثيرا عن المرأة وعن النساء بشكل عام: العدو الحقيقي هو ما تعلمناه ليس من الرجل دائما، وإنما في كثير من الأحيان من أمهاتنا وجداتنا.
ولابد من إعادة كتابة التأريخ والسيرة الذاتية. لا نملك حتى الآن وجهة نظر أنثوية لتقييم المرأة بسبب سنوات طويلة من تحريم البوح عما في داخلها، ولطالما عاقب المجتمع والنقاد النساء متى ما حاولن الكشف عن دواخلهن.
طبعا تحدثت عن الرجل الرهيف ومقابله مفتول العضلات والرجل الجديد وقد أفردت أنا مقالة مستقلة لهذا الموضوع تراجع هنا:
https://hatemali.net/?p=3504
هذا الكتاب رغم صغر حجمه إلا أنه حوى الكثير من الأفكار الملهمة والجدلية والآراء التقدمية والطلائعية والتي يجب أن نفكر بها كثيرا، ولقد أعجبني كثيرا طريقة كتابتها في أدب الرحلة، إنها مبدعة جدا.
الكتاب من القطع المتوسط يقع في 167 صفحة من إصدارات دارى المدى عام 2022.