التعاطف من أهم القيم الإنسانية التي يجب أن يمتلكها المجتمع بأكمله، ومع ذلك فإن هناك تجارب اجتماعية تظهر العجز في توفير التعاطف والدعم اللازمين للأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية أو صحية.
نظرية التعاطف: ترتكز على قدرة الإنسان على فهم ومشاركة مشاعر الآخرين والتعاطف معهم بطريقة إنسانية، وتهدف إلى توضيح كيف يقوم البشر بتجاوز الذات والتفاعل بشكل إيجابي مع حالة الآخرين، وتعتمد على افتراض أن البشر بطبيعتهم يمتلكون توجها طبيعيا للتعاطف.
مؤخرا برزت بشكل كبير فكرة التجارب الاجتماعية بهدف وضع الناس بمواقف يشعرون فيها بالتعاطف مع الآخر أو عدمه.
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا علينا أن نظهر التعاطف؟ وهل التعاطف دليل على التطور الإنساني في زمن تبلدت فيه المشاعر واعتادت الأعين على المشاهد القاسية؟
إن عدم تعاطف الناس مع الآخرين مسألة معقدة تثير الكثير من الأسئلة المحيرة فمن الصعب تفسير السبب الذي يجعل بعض الأشخاص يفتقرون إلى القدرة على مشاركة مشاعر الآخرين والتعبير عن الرحمة والتعاطف، ربما يكون السبب الأول الانشغال الزائد والضغوط الحياتية التي يعاني منها الناس في وقتنا الحالي، فالتفكير الزائد بالمشاكل الشخصية قد يعمل على تقليل الوقت والطاقة التي يمكن أن يقضيها الفرد في فهم الآخرين وفهم مشاعرهم، علاوة على ذلك فإن الإجهاد في تقديم الدعم النفسي بشكل مفرط يؤدي إلى نتائج عكسية على الفرد ويستنزف قدراته.
ثانيا: العوامل الاجتماعية والثقافية قد تلعب دورا حاسما في التعاطف، فقد يتعلق الأمر بالقيم المجتمعية والمعتقدات الثقافية التي تعزز فصل الناس عن بعضهم البعض. فمثلا إذا كان المجتمع يقدر القوة والاستقلالية فوق الرحمة والتعبير عن المشاعر فقد يكون من الصعب على الأفراد اظهار استجابة عاطفية إزاء الآخرين.
بالإضافة إلى غزو التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي حياتنا مما أدى إلى انعدام الروابط الاجتماعية بين الناس وسوء التواصل ونقص مهارات التعبير عن المشاعر والأفكار كل ذلك كان سبب في انتشار ظاهرة التعامل مع الآخرين استنادا إلى ما يمكن أن يستفيدوا منهم سواء أموال أو نفوذ.
إذن لماذا علينا أن نتعاطف مع الآخرين؟
لأن التعاطف يساعدنا على تعزيز الروابط الاجتماعية بين الناس ويفتح لنا المجال لرؤية الأشياء من أكثر من منظور، ولا يقتصر التعاطف الإيجابي على الأفراد بل يمتد لمستويات اجتماعية أكبر تتبلور صورها الإيجابية في الكوراث الطبيعية.
التعاطف ليس مجرد تفاعلات سطحية أو محاولات للتظاهر بالمشاعر، بل هو مفهوم عميق يتطلب قدرة الشخص على تعاطف وفهم حالة الآخرين بدون غايات، وعلينا أن نتذكر أن جميعا قد نحتاج إلى التعاطف والكلمات الداعمة في بعض اللحظات لما لها من تأثير إيجابي على حياتنا.