وتوفر برامج الكتابة للخريجين فترة راحة لمدة عامين بعيدا عن العالم الواقعي، وهي فترة تتيح للمؤلفين الشباب ترفا في فعل القليل إلى جانب الكتابة.
لماذا لا يكون هناك برنامج مشابه لهذ البرنامج لدينا؟ لماذا لا يتم صناعة الكتّاب لدينا كما نصنع الباحثين والعلماء؟ إذا كان الباحث يحتاج إلى تفريغ، فكذلك الكاتب، وربما يكون أشد حاجة منه.
ربما يكون هناك خلافا في هل الكتابة تدرس أم لا؛ ويجوز الخلاف في هذا؛ بيد أن الأمر الذي لا خلاف فيه أن الكاتب في العالم العربي يعاني الأمرين من أجل هذه المهارة، مهارة الكتابة.
إذ لم يتم الالتفات إلى مهنة الكتابة بوصفها مهنة وأداة لتغيير العالم فنسقبع في مؤخرة الركب من الناحية الأدبية.
لابد أن يعامل الكتّاب بالطريقة التي يتعامل فيها العالم الغربي مع أي كاتب هناك.
الكتابة المحترفة بحاجة إلى صفاء ذهن، واستقرار روحي.
إن المناخ الحالي لا يشجع أبدا الكتّاب الشباب إلى الدخول في معترك الكتابة، ولم يعد هذا الجو مناسبا للجيل الحالي ولا السابق.
إنها مهنة متعبة، ومقرفة، ومجهدة، وفوق هذا كله، هي قليلة النفع، شحيحة بالموارد.
إنها لعنة فرعونية، دعوة أم غاضبة، هي في الحقيقة زمانة أدبية بلا شك.
لا أتكلم هنا عن صناعة المحتوى؛ بل أتحدث عن تأليف الكتب، والكتابة الصحافية..
إنني أطالب بصفتي كاتبا أن توجد مثل هذه البرامج الإبداعية حتى ولو لم أستفد منها؛ فالجيل القادم من الكتّاب هم بحاجة إلى مناخ كتابي أفضل من المناخ الموجود حاليا..
الكاتب العربي من بدايته يحفر في صخر، ويزرع في أرض سبخة، ويركب فرسا حرونا..
لا توجد أبواب مفتوحة، كلها مغلقة، والمفتاح معدوم..
والحر يؤثر أن يموت بعزمه
أسدا، ولا يحيا بمكر الثعلبِ