في عام 2006 يممت وجهي نحو مكتبة الملك عبدالعزيز العامة الصرح الشامخ الذي يجد فيه الباحث بغيته.
دخلت بقلق طري في عالم مليء بالكتب.
المكتبة العامة التي من شأنها أن تسكّن قلق الباحثين.
ذهبت باحثا عن مصادر لكتابي الأول، والمكتبة لم تخيّب ظني.
أعترف لم تكن مهمتي سهلة: ستة أشهر كاملة كنت أطرق باب المكتبة وأجلس إلى طاولاتها وأتنقل بين رفوفها: أبحث/ أدون/ وأحاول أن أصوغ من خوفي يقينا صغيرا بأن الكتابة تستحق هذا العناء.
كانت المكتبة بكل سعتها وهدوئها تحتويني: فقد زودتني بما أريد وأكثر.
واليوم بعد تسعة عشر عاما أعود إلى المكتبة ذاتها لكن بوجه آخر.
لم أعد كمنقب عن معلومة وسط الكتب بل رجعت ضيفا متحدثا في جلسة حوارية بمناسبة اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف.
أن أقف هنا متحدثا بين هذه الجدران التي كانت شاهدة على لحظات بداياتي شعور لا يمكن أن توفيه الكلمات حقه.
ثمة شيء عاطفي عميق في أن تعود إلى المكان الذي احتضنك في بداياتك لا لتطلب بل لتعطي وترد الدين.
اليوم في ظل رؤية المملكة 2030 التي جعلت من تمكين الشباب محورا رئيسيا للمستقبل تتجدد أهمية هذه المكتبات بوصفها حاضنات للأفكار، ومنابع للمعرفة، وأماكن ترعى فيها المواهب.
لكل باحث جديد يجلس الآن في المكتبة أود أن أهمس: لا تخف من بطء خطواتك، ولا تحتقر قلقك، فكل فكرة عظيمة تبدأ بهمس خافت وبخجل حذر.
اجعل من المكتبة موئلا مؤقتا لحلمك، وثق أن المعرفة وإن بدت طريقا موحشا في البداية لكن تهديك دوما إلى مرادك.
إن العودة من حيث بدأنا هي دائرة كاملة تؤكد أن ما نزرعه خطوات البداية نحصد ثماره في لحظات الامتنان.
صدقني النتيجة النهائية: تستحق كل ما تجشمته في الطريق.