القراءة المتأنية في عصر السرعة لديفيد ميكيس.
في هذا الكتاب يزيح الغبار عن بعض الأنشطة التي يعتقد الناس أنها من القراءة وهي ليست كذلك مثل تصفح الإنترنت وإلقاء نظرة سريعة على عناوين الأخبار الرئيسية وتصفح البريد الإلكتروني ويقول أن هذه الأنشطة تختلف جوهريا عن نشاط القراءة؛ لأن القراءة حرفة وممارسة.
إنه يؤكد كما يوجد طبخ متأني، وتفكير متأني فبالتأكيد توجد قراءة متأنية.
الكيفية التي تقرأ بها أكثر أهمية بكثير من الكم الذي تقرؤه.
الكتاب عبارة عن ثمانية فصول.
يبدأ بفصل المشكلة والتي تكمن في العاصفة الرقمية كما سماها والذي يرى إيفرايم وتسمان أننا في الطريق لأن نصبح رؤوسا بلا عقول، فإن أصابك الضجر من شيء ما، فعليك بالنقر فحسب، بل يقول آخر وهو صاحب مدونة أن معظم قراء المدونة مصابون باضطراب عجز الانتباه.
ويؤكد في نهاية الفصل أن هناك فرقا بين القراءة من أجل المتعة الحقيقية وبين القراءة من أجل المعلومات.
أما الفصل الثاني وهو (الحل) فقد تحدث فيه عن الحركة الجديدة التي تناصر التأني كالتأني في الطعام والتأني في السفر والتأني في تكوين الصداقات وأيضا التأني في القراءة فبدلا من ابتلاع كتبنا، علينا محاولة هضمها برويَّة.
ثم بعد هذا الفصل يأتي فصل القواعد وهو عبارة عن أربعة عشر قاعدة ويقول هي إرشادات لا تهدف إلى تقييد خيالك بل تساعده على التحليق أبعد.
ثم تأتي بعده فصول في قراءة القصص القصيرة والروايات والشعر والدراما والمقالات ثم في الأخير الخاتمة.
الكتاب رائع جدا في بابه ويعطي قواعد في أهمية القراءة المتأنية وأن العبرة في الكم وليس الكيف بأسلوب ممتع وجذاب مستشهدا بالكثير من الكتب والقصائد وحتى المقالات وهذا ما أعجبني كثيرا إذ أنه يُكثر من استشهاده بالمقالات.
وأكثر ما أعجبني فيه أن يستشهد بكتب وكتّاب معاصرين مع الكتب التراثية فخلق لنا توازن بين الماضي والحاضر، وأعطانا ثقة في المادة المكتوبة المعاصرة إذ أنها بها من الجودة ما يستحق أن يُستشهد بها.
ولا يفوتني أن أشكر المترجم في ترجمته البديعة ولغته السامية ومفرداته التي تدل على إجادته في الصنعة، ولقد استمتعت كثيرا بالكتاب وكأنه كُتب أصلا بلسانٍ عربيٍ مبين وقد نقله إلى العربية الأستاذ محيي الدين حميدي.
الكتاب من القطع الكبير يقع في 318 صفحة من إصدارات العبيكان للنشر والتوزيع الصادر عام 2015