27ديسمبر

من قال إن الناقد قد مات؟

من الحسنات الكبرى لمعرض جدة الدولي للكتاب 2024 أني اقتنيت كتاب حسن المودن (من قال إن الناقد قد مات؟ ضد بارت، ماكدونالد، مانغينو).

للمعلومية فقط: فإن المؤلف حاصل على درجتي دكتوراة واحدة في النقد النفسي والثانية في بلاغة الحجاج، ومع ذلك فقد كتب اسمه على غلاف الكتاب وداخله بدون حرف (الدال) واكتفى باسمه فقط: حسن المودن لأنه يعلم حقيقة نفسه وحقيقة علمه وأن الدرجة العلمية لن ترفعه أكثر.

هذا الكتاب ينطلق من سؤال بصيغة انكارية: من قال إن الناقد قد مات؟ (إنه سؤال النهايات نهاية التاريخ، نهاية الإيديولوجيا/ نهاية الإنسان، لكنه وإن كان يأخذ بعين الاعتبار التحوّلات الكبرى التي يشهدها العصر، فإنه مع ذلك كله يفترض أن كل نهاية إلا وتعني بداية جديدة.
وهكذا فإن الافتراض الأساس في هذا الكتاب هو أن الناقد الأدبي لا يموت ولن يموت أبدا، وإن كان لابد من موته، فهو يموت من أجل أن يحيا من جديد من أجل أن يبتكر ويبدع ويتجدد ويظهر في صورة جديدة ومتجددة.
الكتاب عبارة عن ثلاثة فصول:
-الفصل الأول: هل مات المؤلف؟
-الفصل الثاني: هل مات الناقد؟
-الفصل الثالث: هل مات الأدب؟
وتحت كل فصل عدة مباحث.
ويرى المؤلف أن المقصود بقتل المؤلف: قد مات المؤلف لأنه يرمز إلى النزعة الفردانية والنزعة الإنسانية والهدف ليس قتل المؤلف في وجوده المادي الملموس، بل إن المراد هو قتل النزعتين الفردانية: الإنسانية اللتين لا تنتميان إلى الوقائع الملموسة، بل إنهما فكرتان وقيمتان.
فالنقود الجديدة أصبحت تركّز على الخصائص النوعية التي تميّز النص الأدبي، وتمنح المؤلف دورا عَرَضيا غير مركزي وذلك من أجل الدفاع عن استقلالية الدراسات الأدبية.
ويعترف المؤلف بوجود أنواع جديدة في النقد الأدبي مثل نقد إعادة الإسناد والنقد التدخلي والتلبسي، ويقول أن هناك ثلاثة وجوه للمؤلف: المؤلف الواقعي (الشخصي الواقعي الفيزيقي)؛ والمؤلف الداخلي(الأنا داخل العمل الأدبي)، والمؤلف المتخيّل.
وفي الفصل الثاني: هل مات الناقد فإنه يفتتحه بالمبحث الأول: أهو موت الناقد، أم إفلاس نقد قد يحل محله نقد جديد؟ أيتعلق الأمر بالاختفاء النهائي لشيء اسمه: النقد الأدبي أم أن الأمر يتعلق بإفلاس نوع وأنواع من النقد وأنه من الممكن ابتكار أو إعادة ابتكار نوع وأنواع جديدة من النقد الأدبي؟
ولقد شدني المبحث الثالث بعنوان النقد التدخلي والذي لا يسعى إلا بناء معنى عن نص ما، بل إنه يتدخل من أجل تصحيح صورة أو معلومة أو حقيقة.
ثم نأتي إلى الفصل الأخير: هل مات الأدب؟ ليقول: إن الأدب لا يموت ولن يموت وأنه اليوم حي يرزق في فضاءات أخرى هما فضاء النقد الأدبي وأن الأدب سيعود من جديد إلى الحياة وبقوة لا تتصوّر بفضل النقود الجديدة مثل النقد التلبسي والنقد التجويدي.
والنقد التلبسي هو أن يحل الناقد محل شخصية في رواية ما وسيعمل على أن يعيش المواقف والوضعيات جميعها التي عاشتها هذه الشخصية..إنه مزيج عجيب غريب من العلم والخيال ومن النقد والرواية ومن التنظير والتخييل.
وأما النقد التدخلي ففكرته أن هناك كتّابا وقد يكونون من الكبار ألّفوا أعمالا لم تكن بمستوى أعمالهم السابقة أو اللاحقة ومهمة الناقد لا تتوقف عند حدود الحكم على العمل الأدبي بأنه جيّد أو رديء، بل مهمته أن يعيد كتابة العمل بالشكل الذي يجعله في مستوى الأعمال الأخرى للمؤلف الأصلي.
والحقيقة أن الكتاب مليء بالفوائد والأفكار فيجب إعادة قراءته مرات كثيرة.
الكتاب من منشورات المتوسط يقع في 125 صفحة من القطع المتوسط الصادر في عام 2024.

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *