28يوليو

الكتابة وقوفا تأملات في فن الرواية

لطالما كنت مهتما بالقراءة حول الرواية، ولست مهتما بقراءة الرواية نفسها.

إنني استمتع بتشريح النص وتفكيكه ومحاولة الغوص داخل الجسد الروائي.

وأنا في المطار صادفت كتابا لأول مرة أعرف صاحبه (حسن مطلك) وهو يقف بطوله الفارع كغلاف للكتاب.

استمتعت كثيرا مع فرجينيا وولف في كتابها (رسالة إلى شاعر شاب) وكيف كانت عينها ناقدة فاحصة للعمل الروائي والشعري أيضا.

فأحببت أن أعيد هذه التجربة مع حسن مطلك.

حسن مطلك اسم لم أسمع به من قبل ربما لقصور في اجتهادي بالبحث عن المبدعين، وحينما تصفحت الكتاب واقفا في المطار دهشت لهذه اللغة السامقة الباذخة، وإلى هذه النظر الثاقبة للأدب وللرواية وللحياة بأسرها.

بحثت عنه وعن سيرته وكانت نهاية مسيرته الحياتية حزينا؛ لأنه أُعدم لخروجه على النظام العراقي عام 1990.

غلاف الكتاب

لقد تحدث في بداية الكتاب عن الوعي بالكتابة وكيف أن الوظيفة الأساسية للأدب هي أن تجعل الإنسان يتحسس مكانه في الوجود، ويقول إن أدب لا يتناول مشكلات الإنسان الأولية في العالم، ويكتفي بتطوير حياة زائلة، هو أدب زائل بزوال الشرط التاريخي للمشكلة.

ثم يعرض للأدب والفلسفة ويقول أن الأدب هو خيانة للفلسفة، ولذلك هو أدب، وبالمقابل فإن الأدب لن يكون أصيلا إذا ما قطع علاقته بالفلسفة.

ثم يقول عن الفلسفة (وكيف يمكن أن نصدقها بعد أن خانت نفسها على يدل (كارل ماركس) إذ تحولت إلى أيديولوجيا، وتحولت إلى علم على يد آخرين.
لم تكن الرواية قد ادعت في يوم على أنها قادرة على الإجابة عن أسئلة الإنسان).

ثم يعرض لمسألة مهمة جدا وهي مسألة الاقتناع بأهمية الأدب، وأننا لسنا جادين أبدا في كتاباتنا وفي قراءاتنا وحتى في تفكيرنا.

(يبدو أن الخطأ الذي نرتكبه في الكتابة، هو أننا نمارسها في وضع الجلوس، ولو جربنا أن نكتب وقوفا، وفعل الوقوف يتجاوز معناه الشائع..أقصد أن نتلقى العالم بشكل طولي).

الكتاب مليء بالدقة والجِدّة والتمحيص والتحليل وفهرس الكتاب يدل على ذلك فيشمل من المواضيع: الوعي بالكتابة، الأسئلة الروائية، المكان في الرواية، مشكلات الزمن في النص بين الانتظار وفوات الأوان، والشخصية والراوي، والشكل والقراءة والواقعي والخيالي والواقعية المطلقة وقوة الأدب، وملحق أفكار وملاحظات.

وكذلك الكتاب زاخر بالأسئلة الموجعة والفاحصة، وعليه أرى أن هذا الكتاب مهم جدا لأي روائي خبيرا كان أو يافعا؛ لأن هذا الكتاب لن يعطيك السمكة، ولكن سيعلمك الصيد حتما.

الكتاب من منشورات تكوين والرافدين من إعداد وتقديم د.محسن الرملي، الصادر في عام 2022 ويقع في 172 صفحة.

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *