لابد من زيارة أي مكتبة تقع عيني عليها سواء في الحضر أو السفر.
كنت في أبو ظبي ووجدت مكتبة داخل مول، وفورا ذهبت لأتصفح كتبها.
رؤية المكتبة داخل مول تجاري، تبعث داخل نفسي الاطمئنان والراحة.
شدني الكتاب من عنوانه: قوة الفشل 27 طريقة لتحويل عثراتك في الحياة إلى نجاحات فائقة وصفات لحياة أكثر إنتاجية ورفاهية هدوءا.
عادة هذه العناوين في كثير منها مخادعة، وحينما اتصفحها وأنا واقف في المكتبة يظهر لي ضعفها؛ لكن هذا الكتاب فعلا شدني من الخارج ومن الداخل، ووجدت فيه قيم وقصص ومبادئ من الممكن فعلا أن استفيد منها.
وهو في الأساس يريد أن يعيد تعريف النجاح والفشل فيقول أن تعريف الفشل قديما:
نتيجة نهائية سلبية وحتمية تشير إلى: عدم القدرة على أداء المهام وعدم تحقيق النجاح، والإخفاق بسبب عدم الكفاءة أو العجز أو الإهمال، وكذلك هو شيء سيء للغاية يجب تجنّبه والعقاب عليه.
أما التعريف الحديث للفشل: نتيجة غير متوقعة وقصيرة المدى تعكس تحديا مستمرا، وتمثل:
-مرحلة انتقالية للنجاح.
-فرصة لاكتساب المعرفة والتطور.
-فرصة للتغير الإبداعي والتجديد.
وكذلك بالنسبة للنجاح فإن تعريف النجاح قديما كان إنجاز يدعو للفخر ونتيجة نهائية تماما مثل قدرة فائقة لا تتطلب المزيد من اكتساب المعرفة أو التغيّر، وهو أداء خالٍ من النقائص أو الضعف أو الفشل، وهو شيء جيد للغاية يجب السعي إليه والاحتفال والفخر به قبل أي شيء آخر.
أما التعريف الحديث فهو أسلوب حياة يقوم على الانتفاع من جوانب الحياة كلها، ويمثّل: مجموعة كبيرة من النتائج التي تعمل على تحسين الحياة على المدى البعيد، وهو نتيجة للعثرات والإخفاقات قصيرة المدى، وعملية مستمرة من التنمية واكتساب المعرفة والإنجاز في الحياة.
ولكي يوضح أهمية الفشل وأن الفشل مرحلة من مراحل النجاح أورد قصة فراشة.
يشاهد رجل فراشة تصارع من أجل أن تنبثق من شرنقتها. وبعد أن أحرزت الفراشة بعض التقدم في تمهيد طريقها للخروج من ثقب صغير، بدأت جهودها تتوقف، ولم تتحرك إلى الأمام لبعض الوقت. لذلك استنتج الرجل أنها عجزت عن الحركة؛ فقرر أن يساعدها بعمل ثقب أكبر في الشرنقة مستخدما المقص.
بعدئذ خرجة الفراشة بسهولة، ولكن بجناحين واهنين وجسم متورم.
فالصراع الذي تقوم به الفراشة من أجل أن تنبثق من شرنقتها يؤدي إلى انتقال السائل من جسم الفراشة إلى جناحيها، وهي عملية ضرورية كي تتمكن من الطيران، وبالتالي فإن الرجل بنيته الصالحة -مساعدة الفراشة- قد تدخل في العملية الطبيعية لتقويم جسم الفراشة، ومن ثمَّ فقد حُكِم على الفراشة بعدم القدرة على الطيران للأبد، بل الزحف فقط بجسمها المتورم وجناحيها الواهنين مدى الحياة.
الكتاب من القطع المتوسط يقع في 143 صفحة، من إصدارات دار الفاروق للاستثمارات الثقافية الصادر في عام 2009م.