كتب الشاعر الفرنسي لونيل راي في نهاية كتابه (Syabes de sable) إن هذا الكتاب كتب بموازاة قراءته لأوكتافيو باث وفرناندو بيسوا وبول سيلان.
وهذا اعتراف صريح بتأثره بما كتبه هؤلاء الثلاثة، وهذا نادرا ما يصرّح به الكتّاب والشعراء.
لكن الشاعر لويس أراغون يعترف بكل صراحة بأنه “يقلّد”.
من يستطيع أن يعترف الآن بأنه كان تحت تأثير الكتاب الفلاني أو المبدع العلاني حينما كتب كتابه أو قصيدته.
لماذا هذا الخوف من إظهار تأثرنا بالآخرين؛ علما أن هذا التأثير حاصل وظاهر سواء اعترف به أو لم يتم الاعتراف.
سابدأ في اعترافي مثل اراغون، لعل اعترافي يفتح باب الجرأة للأخرين ليخبرونا عن انعكاسات المبدعين في كتاباتهم.
حينما كتبت قصيدتي التي أقول في مطلعها:
أسائل خير أهل الأرض قدرا
وأعظمهم إذا ما جلّ أمرا
عن الدنيا التي اسوّدت بعيني
وعن يسرٍ تحوّل قط عسرا
أضاحك هذه الدنيا بوجهي
فتصفعني على خديّ عشرا
إلى أن قلت:
ومالي كلما ناديت حظي
يكفكف رجله ويمد أخرى
كنت وقتها متأثرا بالمقامة البشرية لبديع الزمان الهمذاني التي يقول في مطلعها:
أفاطم لو شهدتِ ببطن خبتٍ
وقد لاقى الهزبر أخاكِ بشرا
إلى أن يقول:
يكفكف غيلة إحدى يديه
ويبسط للوثوب عليّ أخرى
فالتأثر واضح.
ومؤخرا كتبت:
أنا عارٍ وشلال الرماد يغسلني..
أحاول فتح أزرار قميصي لكنني عارٍ..
وحينما أردت تحرير العصفور بداخلي
صار القفص عصفورا وحلّق القفص
داخل العصفور..
كنت متأثرا بعبارة تشالرز بوكوفسكي حينما قال:
جرب أن تجلس فوق التلفزيون وتشاهد الكنبة.
وكتاب (اسرق مثل فنان) يعلّمنا أن الإبداع هو تغيير بسيط أو كثير في شيء موجود سابقا؛ لأن نادرا أن يكون هناك شيء قادم من العدم.
وكما نشر صديقنا المترجم الليبي منعم في صفحته قبل عدة أيام عن الكاتب الصيني مو يان الحائز على جائزة نوبل للآداب الذي اعترف بأنه استخدام برنامج ChatGPT، وذلك بعد أن استصعب عليه كتابة خطاب لتكريم مواطنه الكاتب يو هوا.
يبدو أن هذه الأيام، مناسبة للاعترافات..
هذه دعوة لفتح باب اعترافات التأثر على الكتابة..افتح الباب على مصراعيه..
فلنكن صادقين: هيا.
تعليق واحد
تعقيبات: لماذا لا تتحدث عن نفسك؟ [خلاصة 33 عامًا] - مدونة م.طارق الموصللي