7ديسمبر

أنا وصديقي

كتابي الخامس أنا وصديقي مراسلات أدبية بيني وبين الشاعر بدر عمر المطيري.

بهذا الكتاب أحييت فن من فنون الأدب العربي التي اندثرت أو هي على وشك الاندثار، وقد وفقني الله في هذا العمل الأدبي بأن جمعت مراسلاتي الجوالية التي امتدت طوال سبع سنوات بين دفتيَّ كتاب لتكون تذكرة أدبية لنا ولمن بعدنا من القراء.

وقد عمل الأستاذ/ حمد الرشيدي رؤية نقدية للكتاب قال فيها:

يأتي ما يعرف بـ “الشعر الإخواني أو الإخوانيات” كأحد ألوان الأدب، بشقيه الشعري والنثري، والمتسمة عادة بالظرف والطرافة والفكاهة والمرح في كثير مما تتناوله من موضوعات في أي شأن من شؤون الحياة.

لكن ما يؤكده لنا النقاد والدارسون والمهتمون بـتاريخ الأدب، أن أدب الإخوانيات من شعر ونثر قد تراجع كثيرا في عصرنا الحالي عما كان عليه في العصور السابقة التي مر بها أدبنا العربي.

وقد أرجع مثل هؤلاء أسباب انحساره عن ساحتنا الأدبية لاعتبارات شخصية ربما أو اجتماعية أو لظروف الزمان والمكان، وقد يكون لها طابع شخصي ذو حساسية اجتماعية معينة؛ لما يتناوله هذا اللون الأدبي من محاذير اجتماعية تتعلق بالحياة الخاصة لقائليه أو كاتبيه، غير أنها لا يمكن أن تقلل من أهميته كأدب يرتبط بحياة الناس، وفيه كثير من القيم والأخلاقيات الإنسانية السامية.

كتاب “أنا وصديقي” الصادر عن (دار الكفاح) عام 1436هـ لحاتم الشهري كإضافة جديدة إلى مكتبتنا العربية في مجال “الشعر الإخواني”.

ويقع هذا الكتاب في حدود 83 صفحة من القطع الصغير، جاءت على شكل حوارات شعرية ثنائية بينه وبين صديقه الشاعر د. بدر المطيري، تناولت بعض مظاهر الحياة الاجتماعية اليومية التي يتعامل معها هذان الشاعران، ويتناولانها بشعرهما كل حسب رؤيته الخاصة به؛ إمّا ارتجالا حين يلتقيان، وإما على شكل مساجلات شعرية حين يفترقان، بحيث يقوم أحدهما بإرسال بيت من الشعر إلى الآخر أو عدة أبيات تتناول موضوعا معينا، فيجيبه صديقه بأبيات تناقش الموضوع نفسه، وعلى البحر والقافية نفسيهما.

وربما قال أحدهما للآخر بيتا من الشعر وطلب منه إجازته. ومثال ذلك ما أرسله (حاتم) إلى (بدر) من بيت يقول فيه:

ويا ليت أبواب المدينة كلها تسد وبابا في فؤادك يُفتحُ.

الديوان: ص 72

وقد أجابه (بدر) قائلا:

وما هم أبواب المدائن أُغلقت إذا باب من أهوى لقلبي مفتحُ. الديوان: ص73

ومثال آخر يتضمن معنى الحكمة، حيث يقول (حاتم):

دلل النفس بالحنو عليها لا تكن جالب الهموم إليها

أن يكن مسك الزمان بضر لا تكن أنت والزمان عليها. الديوان: ص74

فيجيبه (بدر) قائلا:

ما عليها فالحسن ملك يديها لو تلطفت حين جئت إليها

لا تكن أنت والزمان عليها فهي تحتاج رقة تحتويها. الديوان: ص75

إن هذا الكتاب- علاوة على كونه قد أعاد لذائقتنا وذاكرتنا ( الشعر الإخواني) بعد غيابه عن مشهدنا الأدبي زمنا طويلا – فقد كانت جميع النصوص الشعرية التي ضمها نابضة بروح الفكاهة والدعابة والمرح، وبلغة شعرية مباشرة سلسة.

ولعل الثنائية هنا قد لعبت دورا واضحا في إذكاء الحماس الشعري، وتأجيج روح المنافسة والمشاكسة بين الشاعرين، وكأنهما يتبارزان في ميدان فروسية الكلمة، محاولا كل منهما إفحام الآخر أو التفوق عليه، وهذا – بالطبع – ما نتج عنه توليد معان وصور شعرية طريفة، تذكرنا بتلك الثنائيات المعروفة في تراثنا الشعري العربي، كما حصل – مثلا – في العصر الجاهلي بين عبيد ابن الأبرص وامرئ القيس من محاورة شعرية تتضمن بعض الألغاز، أو ما كان بين (جرير والفرزدق) في العصر الأموي من (نقائض)، أو ما حدث بين شوقي وحافظ إبراهيم في العصر الحديث من مطارحات ومفاكهات شعرية ونحوها.

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *