هل بالإمكان أن نطمئن للضمير في سلوكياتنا؟
هل نستطيع أن نقول أن ما دام الإنسان “مرتاح الضمير” فهو بخير، أو هو حليف للطريق السويّ؟!
في ظني أنه لا يمكن أن يعوّل الإنسان على ضمير أحدٍ ما، فالضمير شيء نسبي ويختلف من شخص إلى آخر..
لقد قرأ أحدهم كتابا مصورا عن بيوت الطغاة وقساة القلوب مثل ستالين وهتلر وصدام حسين وغيرهم، ويقول تفاجأت أن بيوتهم مثل بيوتنا تماما إلا أنها أكبر وأفخم فقط..
سجاد ورخام وكنب ومفروشات عادية، لقد توقع أن يرى جماجم وتماثيل على هيئة هياكل عظمية، والدم يكون في النوافير عوضا عن الماء؛ ولكن ذلك لم يحدث..
بيوت عادية، لا تكاد تفرقها عن بيوت الآخرين..
تعجب كيف لهذه البيوت “العادية” أن تضم هؤلاء القساة، الذين أبادوا الملايين من البشر؟
ولذلك لا يمكن أن نركن للضمير ونقول أنه هو المعيار والمقياس للصلاح أو النجاح أو حتى الطريق المطمئن..
(- هل الضمير يموت ؟
-لا
– وكيف تكون مطمئنا من اجابتك هذه؟
— الضمير لا يموت؛ ولكن تتراكم عليه أشياء تجعله أبكم!!).
وكما قال محمد الرطيان:
الضمير: “جرس إنذار” هل سمعتم بجرس إنذار قام بإطفاء حريق؟!
وفي أحيان كثيرة يكون “الجرس” معطلا ويشب الحريق، لعدم الصيانة الدورية!!
والضمير ال لا يتكوّن ذاتيا، إنه بحاجة إلى “جماعة” أو “فصيل” أو “قبيلة” أو “مجتمع” أو حتى “دين” حتى يشب عن الطوق، ويصبح مدار هذا الرضى..
أسوأ مفردة تقترن مع الضمير هي كلمة (ذاتي)، لا وجود لضمير ذاتي..
هو في الحقيقة ضمير (جمعي) برضى ذاتي..
منبوذن الذين يحملون الضمير الذاتي؛ لأنهم أنبياء ومخترعين وعباقرة وفلاتات..
الذي يعوّل على ضمير أحدهم، يعوّل على قاتل متسلسل في يده سلاح!!
لو كان الضمير حيا لما كانت هناك القوانين، والحدود، والعقوبات..
من الحيل الدفاعية لدى النفس من أجل أن ترتاح من “تأنيب الضمير” فإنها تشوه الضحية، وترميها بالتهم، وتسلخها بالحجج المنطقية، وربما صيٍر الواحد نفسه متهما كعنوان أحد الأفلام: جعلوني مجرما.
الضمير عبد صالح؛ لكنه كسول جدا.
الضمير الحي كالخل الوفي، نسمع به ولا نراه!!