رأيت صورتين مفزعتين عن أناس يقرأون في المكتبة خلال الحرب العالمية الثانية!!
وكان هناك تعليق يرافقهما:
(صور نادرة لرواد مكتبة في لندن عام 1940 خلال الحرب العالمية الثانية، وتبدو آثار الحرب والقصف التي لم تمنعهم من القراءة).
وأعتقد أن هؤلاء القراء من هم الطبقة المترفة؛ لأن القراءة وقت الحروب هي ترف زائد عن الحاجة.
حينما تندلع الحرب فالمهم هو أن تبقى حيا؛ لا أن تقرأ.
المهم لقمة العيش، لا بياض الأوراق، وتصفح الكتب، والذهاب إلى المكتبات!!
من هذا الذي يذهب إلى المكتبة إبّان نشوب الحروب؟
هذه الصور تسيء إلى مفهوم القراءة، ولا يجب أن نصدّر مثل هذه المفاهيم إلى الأجيال القادمة.
القراءة بلا شك أن لها أوقاتها؛ ولكن قطعا ليست في وقت انعدام الأمن، ورحى الحرب دائرة.
في وقت الحرب الناس تخرج من بيتها من أجل جلب الحاجيات الأساسية، وقطعا الكتب ليست من بينها.
لقد قلت سابقا أن الكتب من السلع الأساسية التي يجب أن تكون من ضمن السلع لدى الفرد (الآمن) ومن المفترض أن المكتبات لا يشملها قانون الحظر؛ بل يجب عليها أن تبقى مفتوحة من أجل أن تمد الناس بالمعرفة.
هذا الكلام صحيح بما أن الفرد آمن يأتيه رزقه غردا، ولكن إن كان يصحو على صوت الطائرات، وينام على قذائف الهاون، فلن تكون الكتب إلا سلعا ثانوية في يوم الفرد المسكين.
ينبغي على أهل الثقافة والأدب وعشاق القراءة أن يكونوا واقعيين في طرحهم؛ لأن مثل هذه الصور، وهذه الإطروحات تؤثر على لفيف من الناس التي ما زالت بلدانهم ترزح تحت الحروب.
نحن نتكلم من سعة ولله الحمد؛ ولكن لو نظرنا يمنة ويسرة؛ لرأينا العجب العجاب ولعلمنا أن القراءة في وقت السلم أصعب بمئة مرة منها في وقت الحرب.
يستحيل أن الذين في الصورة هم من الطبقة المتوسطة أو الكادحة؛ بل هم من الطبقة العاجية الذين لديهم وقتا كافيا من أجل فعل أمر غير ضروري في الحرب مثل القراءة.
القراءة مهمة لكنها ليست أهم من الماء والخبز والطعام.
إن تقديس القراءة جاء من أول الأمر حينما كانت للخاصة فقط في الكنائس وللرهبان والخاصة..
قد زالت تلك الفترة، ولابد مع زوال تلك الفترة أن يزول معه التقديس أيضا.
تعليق واحد
تعقيبات: هذا ما تعلمته خلال عملي كـ: مدير محتوى - Content manager - مدونة م.طارق الموصللي