إن أكثر شيء يصيبني بالحرج هي قراءة الكتب المهداة لي..
المشكلة الكبرى حينما يصلني الكتاب ويكون مجاله بعيدا جدا عن مجالي مثل مقدمة في علم الإقتصاد، أو الطيور المهاجرة دراسة تحليلية أو في بعض الفنون التي لا اقرأ فيها مثل الروايات..
من كرم المؤلف ونبله أن يختصني بإهداء، وأنا لا أنسى من أهداني كتابا؛ فكل الكتب المهداة لها مكان خاص في مكتبي..
فإن تجاوزنا مجال التخصص، جاءت الكتب الرديئة ومنخفضة المستوى، والتي يطالب أصحابها برؤية نقدية صادقة لمؤلفاتهم، فأقع بين حرج الإهداء وحرج الصدق؛ ولكنني أعقل من أن أضع المؤلف في موقف حرج حينما لا يعجبني الكتاب أو يكون دون المستوى..
وفي مرات كثيرة تأتني كتب قوية ورائعة جدا، وأفرح جدا عندما يجذب الكتاب اهتمامي، وينال حظا من وقتي في القراءة..
وآخر الكتب المهداة التي حازت على كبير اهتمامي، هو كتاب الأستاذة دانية فهد وهو عبارة عن مجموعة قصصية بعنوان: (الدعابة الأخيرة) ولربما سأفرد الحديث عنه بقراءة انطباعية خاصة فيه..
لم أنتهي من المجموعة لكن شعرت بإهانة كبيرة بعد انتهاء كل قصة، وسألت نفسي هاهي الأفكار أمامك فلماذا
لا تكتب مثلها؟ لقد غطتني الغيرة المحمودة، واستفزني الجمال المتناثر في جنبات الكتاب..
كل قصة كانت بمثابة صفعة على خدي، لقد جعلتني استفيق من جديد..
وكذلك الحال مع المجموعة القصصية (محطات) للصديق العزيز فيصل غمري، وهو كاتب بارع ويكفيه أنه يكتب المسرحية، ومن يجيد فن المسرح فقد جاوز القنطرة..
(محطات) هي مجموعة فذة عبقرية، ولقد انتهيت منها تقريبا وسوف انشر عنها بإذن الله مقالة تليق فيها وفي صاحبها..
أكثر الكتب التي تهدى لي هي عبارة عن خواطر أو نصوص، وهذه الكثرة تدل على استسهال الخوض في هذا الغمار؛ والجرأة على الكتابة ثم الجرأة على النشر؛ ولذلك تأتي كتبهم باردة سامجة وكأنها أحاديث الاستراحات أو المقاهي في أيام العطل..
وهنالك فن مظلوم أيضا هو فن الرواية؛ على أني لا اقرأه كثيرا؛ إلا أن المتطفلين دخلوا فأفسدوا في البلاد، وهدمّوا البيوت والصوامع -سامحهم الله- يريدون أن يركبوا الموجة، فركبوا البحر بأدوات تسلق الجبال، فلا هم الذين خاضوا البحر، ولا هم الذين تسلقوا الجبال..
هم لا يتجرأون على الشعر بحكم أن الشعر علم مضبوط بالقواعد والأوزان والبحور، وسيظهر ضعفهم مباشرة؛ ولهذا يلجأون للنثر ظنا منهم أنه ساتر للعيوب، وخافي للضعف الإنشائي لديهم..
أقل ما يُهدى لي هي الدواوين الشعرية بحكم قلة الشعراء الذين ما زالوا يطبعون إنتاجهم، ولكن ما إن يصلني الديوان إلا ويكون على قدر التطلعات، ويفوز بالإعجاب؛ فالشاعر الذي يطبع نتاجه، هو شاعر واثق بنفسه، وواثق بالمادة التي سوف تُنسب له..
إن كل كتاب وصلني بإهداء هو وسام أتجمل به، وأضعه في ركن أثير من مكتبي الغالية..
نشر في مجلة فرقد في العدد السابع والستين:
الكتب المهداة
كتب رائعه