حينما اقرأ لتوفيق يوسف عواد أحزن كثيرا على واقعنا الكتابي بشكل عام وعلى واقعي بشكل خاص..استحيي منه وهو على بُعد أجيال مني..
أهابه وهو في الثرى..
أخجل أن أتسمّى بنفس الصفة التي يتسمّى بها..
أظن لو خرجوا الفرسان الثلاثة من قبورهم (الثعالبي وتوفيق وابن خميس) ورأوا ما أحدثتُ بعدهم لرجعوا سراعا إلى الأجداث.
هؤلاء هم فرساني الثلاثة، و قدواتي ومن أسير في أثرهم..
أين أنا منهم؟ وما حيلتي غير اللحاق بغبارهم..
لكي تعرف فقط فضل القوم وبعد شأوهم وحيازتهم على قصب السبق، انظر إلى عناوين كتبهم، فقط العناوين..
يتيمة الدهر وفقة اللغة وخاص الخاص للثعالبي..
غبار الأيام وقوافل الزمان وحصاد العمر كلها لتوفيق..
فواتح الجزيرة ومن القائل والشوارد لابن خميس..
لن يستطيع المرء لحاقهم في عناوينهم فكيف بما يكتبون؟! لقد ضاعت دجاجة عند توفيق فحبّر قصة ذهبية تشبه جناحي الديك. موضوع بسيط وعابر يحوّله توفيق بإبداعه إلى قصة مذهلة.
ابن خميس يعترض على قصيدة النثر في أول ظهورها فيصلبها بقصيدة رائية في جريدة الجزيرة.
هكذا هم الرواد دائما يحلّقون لوحدهم في سماء البلاغة، ونحن نتعثر في وصف الفوادح التي تلم بنا.
سألتني الروائية الكويتية ريم الصالح: ماهو كتابك المفضل؟
فأجبت دون تردد الأعمال الكاملة لتوفيق يوسف عواد، لماذا؟
لأني أتعلم من هذه المجموعة التواضع الكتابي، حينما ترتقي نفسي وتعجب بصنيعها أتوجه مباشرة لاقرأ المجموعة، فيعود لي التواضع الكتابي من جديد.إنه يعيدني إلى نقطة الصفر وربما قبلها، حينما أعتقد أن تسلطنت وتفننت في وجوه الكتابة يظهر لي برهان من توفيق يوسف عواد ليخبرني بأني ما زلت في بداية الطريق، حتى مللت البداية والطريق والكتابة..
إنه أشبه بالتحدي الداخلي الذي يجبرني على المقاومة في كل مرة أمسك فيها القلم.
لقد بلينا في الزمن الأخير باستسهال العلم، ووقعنا في وهم المعرفة، وتعلّقنا من كل علمٍ بطرف حتى وقعنا في الشبر الأول من العلم.
لقد ساهمت التقنية في تقريب طرف المعلومة، ومن بث فتات العلم، وظن العوام أنهم مدركين لحقائق العلوم، وظواهر الكون، وفهم النظريات العلمية، وهم أبعد من هذا كله بكثير..
هذه التقنية توصلك للنهر، لكنها لا تخوض بك المحيط، وتعطيك بدايات المقتصد، وتنتظر بدايات المجتهد. لم يبّرز القدامى إلا لصبرهم، وجهدهم، وكثرة تحصيلهم.
العلم لا يُنال بالراحة ولا بالواسطة، ولا بالتغريدات ومختصرات اليوتيوب.
لم يعد لدينا مثل ابن خميس، فقط هناك أمثال حاتم.
نشرت المقالة في العدد الخامس والأربعين من مجلة فرقد:
اعجبني النص جدًا .
انت من طلاب ابن خميس وقد تفوقت ، وادب حاتم سيتوسع وسيكون بحر بإذن الله .
ونشكرك على جماليات نصوصك?
الله يجعلني كذلك، شكرا جزيلا لكِ أ.امتنان