21أكتوبر

ما تكرهه يتغلب عليك

كان لدي عادة -لا أدري إذا كانت سيئة أم حسنة- هذه العادة أني أجمع رسائل الرفض التي كانت تصلني من دور النشر والتي ترفض فيها نشر كتبي، ثم توسعت لاحقا وأصبحت أجمع كل رسائل الرفض التي تصلني من جهات العمل أو مسابقات أو أي جهة أخرى!
وربما الأغرب من ذلك أني كنت أجمع الشتائم الجارحة التي تصلني -أحيانا- في مواقع التواصل.

ربما أتفهم جمع رسائل الرفض حتى أشعر لاحقا بالانتصار على دور النشر أو الجهات بعد كل نجاح.
كنت بعد كل نجاح أحققه اذهب لهذا المجلد وافتحه لأوجه رسالة مفادها: لقد خسرتم، وفزت.

لكن ما قصة جمع رسائل الشتائم؟
الحقيقة لا أعلم.
ربما كان تمرينا للذات على تقبّل الرأي الآخر، الرأي المقذع المتطرف؛ ومحاولة تقليد أو اتباع لمنهج د. عبدالله الغذامي في كتابه (ثقافة تويتر: حرية التعبير أو مسؤولية التعبير) حينما أورد في نهاية كتابه تغريدات لمغردين آخرين بأسمائهم الحقيقة أو المستعارة التي يظهرون بها في تويتر يشتمونه ويسبّونه بشكل جارح!

ولكن بعد فترة حذفت كلا المجلدين لأني اكتشفت أن (ما تكرهه يتغلب عليك) وأن عاطفة الكراهية شرسة إذا تُرِكَت دون رادع فقد تنمو لتسيطر على وجود المرء فتطغى على العقل وتخنق المنطق.

يبدو أن هناك “كراهية نائمة” أو وادعة إن صحّت العبارة لكن هذه الكراهية النائمة لديها القدرة الفريدة على الاستهلاك طويل المدى، لإن اضمار العداء الخفي يقلّص مساحة السلام والرضا داخل الروح.

الحفاظ على هذا العداء المستتر يستنزف الروح ويشوّه منظور الفرح.

حينما فكرت في حذف المجلدين كنت أريد أن أرمي وأمسح هذا الثقل عن كاهلي والذي حملته معي لسنين طويلة، أريد أن أتخلص منهما وأكون خفيف الحِمل والظهر.

لا أريد أن أكون مستسلما للعواطف السلبية بعد كل نجاح، أدركت لاحقا الإمكانات المدمرة للكراهية النائمة البطيئة.

ربما هو صفح أو تسامح أو تعالي، سمّها ما شئت؛ لكن المهم أني لم أعد أعرف أو أذكر رسائل الرفض والشتائم تلك.

ذلك المجلد الذي كان يحكمه الظلام، سلطتّ عليه الضوء ومحيته من وجودي..

أنا الآن أتحرك بمرونة أكبر..لأن تلك الرسائل لم تعد موجودة في “حياتي”..

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *