30سبتمبر

في مدرسة الشك

كان هذا الكتاب من أوائل الكتب التي اقتنيتها من معرض الرياض الدولي للكتاب 2024 (في مدرسة الشك تعلم التفكير الصائب باكتشاف لماذا نفكر بشكل خاطئ) لمارك رومانغيل ترجمة أ.د. محمد أحمد طجو.

لقد كان العنوان لافتا بالنسبة لي وجعلني أفكر: هل للشك مدرسة؟ هل نحن نتعمد أن نفكر بشكل خاطئ؟

الكتاب يتحدث عن أهمية المدرسة فهي تملك قيادة تعليم التفكير الصائب، وأنها قادرة على تعليم الطلاب الرد على التضليل الإعلامي من خلال تمكينهم من مجموعة من المعارف الضرورية لتكوين فكرة صائبة ونقدية من مصطلحات المناقشات الأكثر حيوية لأن لم يعد الهدف إثراء معارف الطلاب المفهومية من خلال تخصصات مدرسية تقليدية وإنما تعليمهم التصدي لركام من المعلومات المتوفرة في بيئتهم، وعلى وجه الخصوص الإنترنت.

الهدف تزويد الطلاب بقائمة ثلاثية للمهارات.
أولا: مهارات رقمية تتعلق بالوظيفيات التقنية لوسائل النشر الجديدة للمعلومات.
ثانيا: مسارات إعلامية تتعلق باستخدام الوسائل التقنية لأغراض تلقي المعلومات ونشرها.
ثالثا: مهارات إعلامية تهدف إلى تزويد الطلاب بأدوات تقييم طبيعة المعلومات المنشورة وأهميتها.

غلاف الكتاب

الفصل الثاني مثير للفهم فعنوانه: لماذا نفكر بشكل خاطئ؟ ليجيب المؤلف: أن الناس لديهم أسباب -أو على الأقل دوافع- للتفكير كما يفكرون، حتى لو لم يكونوا دائما على حق في التفكير بهذه الطريقة ويحدث أن يتشبث الناس بخيارات أولية استثمروا الكثير من الطاقة والوقت فيها، والتخلي عنها مكلف بالنسبة إليهم، حتى لو كانوا قادرين فكريا على استشعار عيوب معتقداتهم.

ميزت فلسفات التنوير بالفعل بين طريقتين لإدراك الواقع: يمكن تقسيم كل معارفنا إلى معارف مباشرة وتأملية.
المعارف المباشرة هي تلك التي نتلقاها على الفور من دون أي عملية إرادية. والتي تجد كل أبواب قلوبنا مفتوحة لها من دون مقاومة وبلا مجهود.
وأما المعرفة التأملية فهي التي يكتسبها العقل من خلال العمل على المعارف المباشرة وتوحيدها وجمعها.
النظام الأول يميل إلى تجنب المعلومات التي تتعارض مع نتائجه، ولا يحب الشك والتناقض. إنه يسعى إلى أن يكون فعالا وبأقل تكلفة؛ فتفعيل النظام الثاني ليس إذن طبيعيا، في اللحظة التي يتطلب فيها الجهد والاهتمام المستمر.
الشك ليس طبيعيا ولا عالميا، ويجب تفعيله، والتدرب عليه، وتعليمه. يجب عليك أولا من أجل التربية على الشك إثارة الوعي بكيفية معالجة دماغنا للمعلومات (كيف يبحث عنها، ويتلقاها، ويفرزها، ويصادق عليها، ويوزعها، وما إلى ذلك) وبالتحيزات التي يمكن أن نخضع لها.

يقول المؤلف أن هناك تسعة تحيزات معرفية رئيسية لدى الإنسان.
-التحيز الأول مرتبط بميل دماغنا إلى حشد موارد مثيرة للإعجاب ليثبت لنفسه أنه فكر جيدا من قبل، وأن طريقته في رؤية العالم تبقى صحيحة. وهذا هو التحيز التأكيدي.
-التحيز الثاني الارتباط المتبادل والسببية، عندما تحدث ظاهرتان في الوقت نفسه، فإن تزامنهما لا يعني بالضرورة أن تكون إحداهما سبب الأخرى. لكن دماغنا يقرر العمل بسرعة، وينزلق فيخلط بين الارتباط المتبادل والسببية.
-التحيز الثالث يقوم أحد مبادئ الفكر البشري الطبيعي على أن الصدفة غير موجودة لأن العقل البشري لم يُخلق لإدراك الظواهر الناجمة عن الصدفة بطريقة عقلانية.

-التحيز الرابع: هو تحيز الارتساء يتعلق بميلنا إلى تقييم حالة الرجوع إلى مرجعية أحد عناصرها الخاصة في حين أن هذا العنصر ليس بالضرورة الأكثر أهمية، إنه الشجرة التي تخفي الغابة.
-التحيز الخامس: يسمى المنطق باستخدام الفئات. من أجل وضع بعض النظام في فوضى العالم، لا شيء مثل تحديد الفئات يقلل من تعقيده.
التحيز السادس: المسمى بالقصدية، هو أكثر أكثر التحيزات المخيفة. ففي الحياة تجري الأحداث أحيانا عن طريق الصدفة المحضة أو نتيجة لسلسلة من الأسباب العرضية التي لم يرها أحد أو بالأحرى لم يدبرها أحد، لكن يحدث أيضا أن تنجم الأحداث عن مقاصد واضحة وواعية لأشخاص أرادوا حدوثها واستخدموا كل شيء للوصول إليها.

التحيز السابع: تحيز الجهل وهو الفهم الرئيس غير الدقيق للواقع.
التحيز الثامن: تحيز تأثير دانينغ كروجر: يؤدي إلى عدم الكفاءة في مجال معين غالبا إلى المبالغة في تقدير الذات والأداء الفكري باختصار “ثقة الحمقى”.
-التحيز التاسع: التسامح التأويلي، يشجعنا على تفسير آراء محاورينا بتسامح، حتى لو كان ذلك يعني طرح أطروحات مجاملة لجعلها أكثر وضوحا مما هي عليه.

الكتاب مليء بالفوائد ولكن حاولت قدر المستطاع أن أضيء على بعض الأفكار المهمة فيه.
الكتاب من القطع المتوسط يقع في 204 صفحة من إصدارات دار صفحة 7 عام 2024.

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *