
الكتاب ملهم جدا ويخبرك حقائق وليست مجرد آراء جامدة..
إنه ينكر وجود الإلهام أو ضربة الحظ التي تقود إلى أي اكتشاف ما؛ لكنه يؤمن أن الشيء يأتي بالتدريج.
الفكرة لابد أن تمر بعدة مراحل حتى تنضج وتكتمل ليمكن ترجمتها على أرض الواقع.
المؤلف يرى أن الفضول أهم من الذكاء والإصرار والحكمة.
هو لا يقلل من شأن هذه الأمور الثلاثة لكن بدون الفضول لن تؤدي هذه الأمور إلى شيء يذكر على حسب زعمه.
وتأكيدا على هذا يقول الفيلسوف إرنتس بيكر في معرض حديثه عن الكآبة: الأشخاص الذي عانوا تجارب سيئة في مقتبل حياتهم ينتهي بهم الحال إلى أن يعيشوا حياتهم مليئة بالقلق من الموت، فإذا كانت مكونات شخصيتك بائسة أو كانت لديك تجارب سلبية سابقة فمن المتوقع أنك ستصبح متشائما.
هذا الكتاب يؤكد مرارا وتكرارا أن المرء لا يولد شغوفا أو يمنح هبة وقت ولادته.
لا شيء بخبطة سحرية لأن نداء العباقرة مكتسب ولا يولد مع المرء.
(الفضول والتوجيه العائلي المكثف هما اللبنة الرئيسية في خلق العبقري).
النجاح يولد النجاح والشغف يولد الشغف الطريق إلى الشغف طويل ووعصر وصعب.
وأعجبني جدا تعريف المصادفة عند فرويد (المصادفات هي نتيجة رغبات وصراعات مكبوتة)..
يقول أن الشغف لا يرتبط بالنشوة بل يعتمد اعتماد كلي على الصبر.
فهو ليس إحساسا جميلا بل هو القدرة على التحمل ومصدر كلمة الشغف في اللاتينة هو أن تعاني.
في الفصل الأخير (عاقبة الشغف) ذكرني هذا الفصل بكتاب (كتّاب مشردون) وليت المؤلف اطلع على هذا الكتاب ليفيد منه بشكل أكبر.
في خاتمة الكتاب يذكر المؤلف أنه أمضى أكثر من عشرة سنوات لكتابة هذا الكتاب وهو بهذا يطبق عمليا مع ذكره في أثناء الكتاب.
الحقيقة أن الكتاب كان متنفسا ليس في الأيام الماضية ولقد اقتبست منه الكثير، وهو تحفة جميلة تضاف إلى التحف الكتابية التي لدينا.
مع طول الكتاب أحسست وأن هناك ترهلا في جسد الكتاب، فلذلك أتمنى في الطبعة الثانية أن يصبح الكتاب ممشوق القوام
متخففا من الدهون الزائدة ليكون أصغر حجما وأقلل في عدد الصفحات..
أنا متأكد بأن الأستاذ عبدالرحمن سيخرج لنا في قادم السنين كتابا بصوته الخاص، الصوت المتفرد الذي يعكس رأيه المتفرد..
الكتاب جوقة من الأصوات، حتى كاد يضيع صوت المؤلف الخاص؛ لكن لا تثريب عليه بما أنه الكتاب الأول، وإذا كانت هذه البداية فما ظنك بما بعدها؟ بالتأكيد سيكون أجمل وأروع وأحلى.
لا يمكن لأي أحد بعد الآن يريد أن يكتب عن العبقرية ولا يقرأ هذا الكتاب..
هذا الكتاب وضع نفسه في خارطة العبقرية ولا يمكن تجاوزه على الأقل في الفترة الحالية..
أنا ممتن لصديقي عبدالرحمن السيد الذي كان جسرا لمعرفة المؤلف المبدع عبدالرحمن أسامة سفر..
وكما ذكر في الكتاب بأن العباقرة استفادوا من بعضهم البعض وكانت بينهم صلات ومراسلات، ليس بينهم رحم إلا رحم العبقرية..
أتمنى أن يكون بيننا هذه الرحم نحن الثلاثة…
الكتاب من القطع الكبير يقع في 357 صفحة من إصدارات الدار العربية للعلوم ناشرون، الصادر عام 2020م.
