28يوليو

جماعة البونك

في القرن الخامس عشر كان يُطلق على المومسات لفظة “البونك”، وتحوّلت مع الأيام فأصبحت تُطلق على كل منحل، وضيع القدر، سواء ذكراً أم أنثى.

وهذه الجماعة قريبة في اتجاهاتها من جماعة “الهيبس أو الهيبز”، وكان من صفاتهم أنهم يلبسون الثياب الفضفاضة ويمشمون مبعثري الشعر، ويعزفون الغيتار وينامون في الطرقات وفي مداخل المباني.
أعتقد أن ما نراه اليوم في كثير من مواقع التواصل ما هو إلا امتداد شرعي لجماعة البونك!

المقالب السخيفة والرقصات الدخيلة والمواضيع المنحطة مثل (كيف تُخرج ريحا من غير صوت) أكرمكم الله، وأجلّكم ورفع قدركم.
لقد انحط مستوى الذائقة لدينا لدرجة أن أحدهم يتصل بوالدته ليخبرها أنه لوطي! وكل ذلك من أجل ماذا؟ من أجل رفع نسبة المشاهدة، ونسبة التفاعل مع قناته البونكية (نسبة إلى البونك).

لقد كان جد توفيق يوسف عواد يقول:

(إذا مات الله في قلب إنسان فحطّه مع الخنازير).

كم من الأشخاص نستطيع وضعهم مع الخنازير؟

كنا نعاني سابقا من تضخّم الأنا، والآن نرى الإنسان يهين ذاته، وعائلته، من أجل حفنة مشاهدات وحفنة متابعين حتى إذا تمّ له الأمر وأصبح من المشاهير بدأ في إسداء النصائح، وتوجيه الناس، وإلقاء الخطب عليهم بكرة وأصيلا.

هناك كتب تبحث عن الدافع الجنسي لدى المرأة، وتدقق كثيرا في النزوع الجنسي الأنثوي، ولا أدري الحقيقة ما الفائدة من البحث المثير في دوافع الجنس لدى المرأة وكأنها كائن من مجرة أخرى.

أليس الأولى والأجدى أن نبحث عن الدوافع لدى هؤلاء الشباب الذين انسلخوا من قيمهم وتربيتهم وأخلاقهم وعاداتهم وارتموا في أحضان الغرب عوضا عن البحث في دوافع الأنا والحب والدافع الجنسي لدى المرأة؟

أنا لا أجرّم البحث التربوي في الجنس ودوافعه لدى جميع الأنواع؛ أما أن تكون البحوث الجنسية أكثر من البحوث التربوية التي تهتم بالنشء وبالشباب فهذا يدفعني إلى القول بأننا حيوانات جنسية!

هل تفشّي التفاهة بيننا يجعلنا أمام ظاهرة جديدة تسمى مجتمع التفاهة أو الرداءة على حسب كتاب أستاذة الفلسفة السياسية الكندي آلان دونو والذي أصدر كتابا عام 2017م بعنوان (مجتمع الرداءة) والذي قال: “أن الرداءة تتسيد المشهد في الكثير من القطاعات وأن هناك صعودا ملحوظا للتافهين في شتى المجالات في المجتمع بسبب انخفاض المعايير بشكل غير مسبوق، وتآكلت معايير الكفاءة والإنجاز وغابت منظومة المبادئ الرفيعة والمفاهيم العليا؛ ولهذا صعدوا التافهين وتصدروا المشهد”.
لقد عادت جماعة البونك من جديد.

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *