17ديسمبر

علبة الأمنيات

أحتاج يا أمي أن أعلّب أمنياتي كما أعلّب ضحكاتي.. ألم يكن جدي يعلّب سنواته السمان ليستخدمها في سنواته العجاف؟

إذا أقبل الزمان فإني مبقٍ بعضه معي لأدّخره إذا أدبر الدهر. الأم تبتسم وتقول: نعم صحيح يا ولدي. يجذب ردائها من الأسفل ويقول: أمي أمي ما رأيكِ أن تعطيني علبة السكر الكبيرة فإني أحتاجها فأمنياتي كثيرة جدا، ترد الأم بحزم وتقول: احلم على قدر استطاعتك فعندما لا تتحقق الأحلام فأعلم أنها لا تناسبك. يجيب الأبن: هل كل الذي تحققت أحلامهم كانت أحلامهم مناسبةً لهم؟ يا أمي لن أشقى بأمنياتي وأحلامي، ولن يغلبني العالم ولن تغلبني الخيبات.

الأمنيات لا تتمنع عند أحدٍ من فراغ، بل من ضعف السعي إليها وخوفه من عدم تحقيقها يا أمي. الأم تجلس على الأريكة وهي تنخل الرز وتقول: يا ولدي زمن جدك يختلف عن زمنك وعلبته التي كان يعلّب فيها السنين علبة قديمة لا تصلح لك ولا لأحلامك.

الأبن يستقيم وهو ينفض الغبار من على ساقيه ويقول: (من الواضح أن العالم ليس مصنعاً لتحقيق الأمنيات).

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    9 تعليقات

    1. سَلِم قلمك وأبدع حرفك
      مقال رائع جدا
      من روعته لاتمل من قراءته لأكثر من مرة

    2. حتى وإن أعطت الأم ابنها العلبة “الكبيرة جداً”.. سيظل يشعر أنها صغيرةً جدًا أمام أمنياته!
      كبرنا ونحن نكدّس تلك الأحلام والأمنيات تحت الوسادة، حتى باتت تملؤ غرفنا.. والآن رمينا جميعها في حاوية المهملات !
      شكرًا للأم التي كسرته، قبل أن تكسره الأيام
      الأيام أقبح من أن تكون لنا عوناً في تحقيق مانتمنى ..

      • أعتقد أن الأم قوّمته أكثر من كونها كسرته،
        وأظهرت له الجانب المظلم للحياة المختص
        بالأماني.
        شكرا لكِ أستاذة مريم.

    3. عندما لم تُعطي الام ابنها العلبه ربما كانت لديها رساله بان تخبره ان العلبه لن تتسع لحلامه لن تعينه ع تحقيقها وانما الوقوف بين يدي الله وطلب عونه والجهد للوصول إليها بالعزم والاصرار ،ولتخبره بان الغد يُخبي لنا عوائق كثيره كفيله بان تمسح تلك الايام وام نتنازل عنها ببساطه شكراً لك ايها الحاتم،

    4. دائما اطلب الحكمة من اهل التجارب من عاصروا الحياة لان خبرتهم اوسع فكيف ان كانت الام حب وسعه وحكمه وخوف ودروس

    5. بجد اهنيك رووووعه وماحسيت بملل وانا اقرا ابد ربي يكتب لك توافيقه

    6. لو لا الامل والامنيات لكنا في عداد الموتى او المرضى النفسيين علينا انا نؤمن بإحلامنا حتى لو بلغت عنان السماء حتى وان كسرت او لم تكسر علينا نؤمن بقدراتنا وان نقف من جديد لا اخفيكم اننا بشر ونحتاج الى من يقف بجانبنا لكي نشعر بالأمان والسعادة ولكن اذا لم يكن هناك تلك الايدي والقلوب لمساعدتك فعليك مواصلة طريقك بصورة اقوى لا اضعف لانه مثلما تمنت لك امك بالنجاح هناك من ينتظر سقوطك ….. شكرا من القلب لحاتم ?

    7. ابدعت سلم بوحك

    8. أتفق مع الأم .. لنكن واقعيين أكثر حتى في أحلامنا كي لا تصدمنا خيبة الأمل!!
      ولنرفع أمنياتنا إلى الله❤️

      حوار جميل ومؤثر جدّا… شكرًا لك أستاذ حاتم

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *