16سبتمبر

أهدتني الأستاذة نوف بنت عبدالكريم أحدث إصداراتها حينما شرفتني في حلقة من حلقات برنامجي مزواد.

كتاب (استخارة) هو كتابها الثالث وهو عبارة عن نصوص أدبية.
حدثتني عنه وقالت أنه أقرب الكتب إلى قلبها، لعدة أسباب منها النضوج، واختمار التجربة، وتكامل الأدوات، واتساع المعرفة، وازدياد الحصيلة اللغوية.
حينما بدأته تلمست أني بحضرة صوت أدبي يحكي بهمس يحاول أن يخرج للنور، ويحاول أن يفلت من العراقيل التي أمامه.
صوت يريد أن يكون متفردا في زمن التشابه والتناظر.
إنها حمامة تريد أن تطير لتجمع الكلام:
(بيني وبينك كلام يطير
هل تأخذني إليك لنجمعه؟)
تعتبر توثيقها لمشاعرها بين دفتي كتاب إنجازٌ محبوبٌ:
(ها أنا أوثق عمري في كتاب، الإنجاز الحقيقي الذي
أحبه بعد عائلتي).
هل هي امرأة عادية؟ أم امرأة قوية؟
(لستُ عادية؛ لكني أقوى من كل هذه الأحلام التي لا تتحقق).
في أيسر صدرها لا يوجد قلب فقط؛ بل قلبٌ مغلفٌ بالنور:
(النور الذي أضاء قلبي
في كل عتمة يشير إليك)
قلبها لا يشير للشمال كما البوصلة إنه يشير إليه وحسب فهو شمالها أينما كان.
ولأول مرة أعرف أن هناك نوع من السرقات حلال:
(ذلك الشعور سرق قلبي، بعض السرقات مباحة).
لديها قياس عجيب في معرفة الحجم ليس بالمتر ولا بالكيلو ولا حتى بالذراع، قياس على غير مثال سابق:
(ابتسمت وكانت أول ابتسامة أعرف منها حجم فمي).
كل الأمهات ينجبن بشرا إلا أمها فإنها تنجب قصائدا:
(يا أمي هل تذكرين؟
أنكِ أنجبتِ قصيدة، سمّاها أبي نوف).
ليست متشائمة بل هي تحب التفاؤل، وتنظر
للحياة بعين الرضى:
(آتفاؤل كثيرا بها، فالذي خلق عاما جميلا
سيخلق غيرها على هيئته).
والتفاؤل هذا يستمر معها لدرجة أنها تنكفئ على نفسها ولا تريد أن تلوّث محيطها بحزنها:
(إن لم أعش حزني لوحدي عليّ أن أصمت حتى لا ألوّث البيئة بسموم ما يتوارى لي)، ليتها تدري أني أصب سمّي (حزني) على محيطي دوما..
هي تعتقد أن ليس هناك امرأة على وجه الأرض تشبهها هي وحيدة وحدة الخوف في قلب اليتيم، إنها تحتاج لأن تعرف نفسها أكثر:
(لأول مرة اقف بلا هدف، هل توجد نسخة مني على
وجه الأرض..
امرأة واحدة يالله تشبهني
في أي طريق سألتقي بها..
يا امرأة تشبهني: في أي أرض تكوني؟
يا امرأة لا تشبهي أريد مساحة أكبر للتعرف علي).
في حالة البكاء لا تريد كلاما لمواساتها على غرار معظم النساء فماذا تريد يا ترى؟
(حين أبكي لا تحاورني..
دعني أعانقك كما لو تخيلتني طفلة)
هل الأستاذة نوف صالحة للحب:
(أنا غير صالحة للحب ولو كتبت عنه) إنها منتهية الصلاحية بالنسبة للحب.
يبدو أن الحياة على وجه الأرض لم يعد ملائما بالشكل الكافي فهي تتمنى أن تعود لأول مكان
أتت منه:
(أمنية:
أن أعود وحيدة في بطن أمي).
تؤمن بالصدف والحظ:
(أريد أن أكون المصادفة الجميلة التي تكون خيرا من ألف ميعاد، لا تفسدني التنبؤات)..
الحقيقة أن الكتاب متخم بمثل هذه اللفتات والفلاشات المضيئة؛ وأعتقد أن هذا القلم البرعم يحتاج إلى مزيد صبر وإلى مزيد عناية حتى يستطيع أن يقاوم عوامل التعرية في المشهد الثقافي.
أتى الكتاب على نحو مبسط في العبارة واللغة، وجاء سلسا في كل صفحاته.
أعتقد أنها لو استمرت بهذا النهج وبهذه الطريقة ستجد نفسها يوما، وستجد لونها الخاص الذي يميزها عن غيرها، فقط تحتاج لعامل الوقت ليعمل على تخصيب موهبتها.
الكتاب من الحجم المتوسط يقع في 116 صفحة من إصدارات دار تشكيل الصادر عام 2017م.

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *