10يوليو

الرجل الجديد

كتبت أناييس نن في عام 1974 مقالة لها بعنوان: تقديرا للرجل الرهيف: (فالوضع القديم للرجل المهووس بالعمل الذي تلخص حياته بالضغوط، قد انقلب بسبب زوجة شابة شجعته على ممارسته هوايته الرسم حتى تقاعد مبكرا ليستمتع بالفن والسفر.

الرجال الجدد ليست لديهم الطموحات القديمة فهم لا يريدون قضاء حياتهم في السعي وراء الثروة؛ بل يريدون السفر في شبابهم والعيش في الحاضر).

ما الذي تغير من خمسين سنة إلى الآن؟ لماذا انحسر نوع الرجال الجدد الذين ذكرتهم أناييس ورجع لنا النوع القديم، ذلك النوع الذي يسعى إلى الثروة والذي يرى أن الوظيفة هي كل شيء حتى أصبحنا نرى الموظف يبدأ دوامه من الصباح الباكر ولا ينتهي إلى بغروب الشمس؟

هل لأن لم يعد هناك “زوجة شابة” تدعو الرجل إلى التقاعد المبكر والتفرغ للفن والهواية؟

قلة صلة الأرحام والأمسيات بين الأصدقاء بحكم أن العمل أخذ كل الوقت، وأصبح الناس يعرّفون أنفسهم بألقابهم الوظيفية حتى خارج أماكن وأوقات العمل.

أصبح الفرد يرى قيمته موازية لمنصبة الوظيفي.

فهو يحمل لقبه معه أينما كان: الدكتور والمدير العام والضابط وغيرها من الألقاب تُحمل على الظهور كخشبة مذبح!

حتى الكوفيهات التي كنا ندخلها سابقا ونسمع الأصوات فيها عالية والناس يتبادلون أطراف الحديث، أصبحت هادئة والكوفي يعلق لوحات يحذر فيها عدم رفع الصوت، ولم تعد تجد الطاولات فيها أشخاص كثر، بل كل طاولة فيها شخص واحد أمام جهازه المحمول يعمل بصمت أو يرتدي سماعة لحضور اجتماع عن بعد.

إنهم يعملون خارج أوقات دوامهم.

إذا استمر هذا الحال لفترة طويلة فإننا سنفقد وسنخسر الفنان والمبدع والرسام والموسيقي الذي يستطيع أن يخلق له حياته الخاصة موازية لحياته العملية.

الآن يكاد ألا توجد هذه الحياة الخاصة، بل هناك حياة عملية بحتة؛ ولذلك نجد أغلب شيء يشاركونه الناس في مواقع التواصل الاجتماعي هي صورهم في الاجتماعات أو في الوفود الرسمية أو وهم منهمكين في الاجتماعات.

أصبحت الصورة النمطية التي يريد تصديرها للناس أنه (Hard worker) أي عامل مجد.

أهلا بك في الرأس مالية الحديثة.

ليست هذه دعوة لترك الوظائف والتفرغ للهوايات، ولكن هذه دعوة للنظر ومحاولة ألا تبتلعنا هذه الرأس مالية ونعطي العائلة والأصدقاء والهوايات حقها.

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *