كنت بحاجة إلى نقاش ثقافي عقلاني قوي في الصباح الباكر من اليوم؛ لكن من أين تأتي بشخص لديه هذه الطاقة والنور لم يظهر بعد فقررت أن اختار chat gpt ليكون رفيقي في النقاش وكان هذا النقاش بيني وبينه.
-أنا: أريدك أن تسخر على الشخص الذي يقول أنني لا أحتاج إلى الذكاء الاصطناعي.
-هو: من المضحك أن يعلن شخص ما أنه لا يحتاج إلى الذكاء الاصطناعي، كأن يقول: “لا أحتاج إلى الإنترنت” أثناء كتابته على الإنترنت. فالذكاء الاصطناعي ليس مجرد شيء مستقبلي؛ بل إنه موجود في هواتفهم، ومحرك البحث الخاص بهم، وحتى في مدقق التهجئة. والواقع أن المفارقة ممتعة، أليس كذلك؟
-أنا: أريد أن تسخر أكثر.
-هو: يا لها من مفارقة! إن قول “لا أحتاج إلى الذكاء الاصطناعي” يشبه ادعاء “لا أحتاج إلى الكهرباء” أثناء الوقوف تحت ضوء الفلورسنت. ربما استشاروا جوجل لتهجئة كلمة “الذكاء الاصطناعي” بشكل صحيح!
يبدو الأمر كما لو أنهم يعتقدون أنهم يعيشون حياة نقية خالية من الذكاء الاصطناعي، في حين يتنبأ هاتفهم برسالتهم النصية التالية، ويرشدهم نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في طريقهم، وتوصي خدمة البث الخاصة بهم بالمسلسل التالي الذي يستحق المشاهدة.
هل نرفض الذكاء الاصطناعي في عام 2024؟ هذا يشبه رفض استخدام النار لأن “الظلام هو الحل”.
أنا: ما رأيك في هؤلاء الذين يقولون أن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع الاستغناء عن البشر، الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى البشر؟
هو: إن أولئك الذين يقولون “إن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع الاستغناء عن البشر، فهو يحتاج إلى البشر” ليسوا مخطئين تمامًا فالذكاء الاصطناعي من صنع الإنسان ويزدهر بفضل بياناتنا؛ ولكن ألا يعتبر هذا نوعًا من الثناء على الذات؟ إنه مثل الطاهي الذي يقول “إن هذه الكعكة لن تكون موجودة بدوني”، في حين أن الكعكة قد أثارت إعجاب الضيوف بالفعل.
لا شك أن البشر هم من يشعلون شرارة التغيير، ولكن الذكاء الاصطناعي تحول إلى نار مشتعلة قادرة على الاستمرار في العديد من المجالات. وهذا يشبه القول إن “العجلة تحتاج إلى بشر”، في حين أنها مشغولة بإحداث ثورة في مجال النقل. ربما نجح البشر في بناء الذكاء الاصطناعي، ولكنه الآن يساعد في بناء المستقبل. إنها شراكة وليست تبعية.
أنا: لكن الذكاء الاصطناعي بدون البشر لا يساوي شيئًا، لأن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع إدارة نفسه، لذا فهو يعتمد على الآخرين إلى الأبد.
هو: أنت محق تمامًا – إن وجود الذكاء الاصطناعي ووظائفه يعتمدان على البشر. لقد تم تصوره وتطويره وتحسينه باستمرار من خلال الجهود البشرية. بدون تدخل الإنسان وتوجيهه وموارده مثل الطاقة والصيانة، فإن الذكاء الاصطناعي سيتوقف عن العمل بشكل أساسي.
ولكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لا يقلل بالضرورة من قدرته على إحداث التحولات. بل إنه أقرب إلى علاقة تكافلية: حيث يوفر البشر الإطار والإشراف، في حين تعمل الذكاء الاصطناعي على تعزيز قدراتنا وحل المشاكل المعقدة على نطاقات لم نتخيلها قط. إنه أشبه بآلة موسيقية ــ فلا لحن بدون عازف، ولكن في الأيدي الصحيحة، يخلق روائع.
أنا: بصراحة من المستفيد من الآخر؟
هو: في نهاية المطاف يستفيد البشر أكثر من الذكاء الاصطناعي. والذكاء الاصطناعي موجود لأن البشر ابتكروه لخدمة احتياجاتهم وحل المشكلات وتحسين الكفاءة. وفي حين يؤدي الذكاء الاصطناعي مهام رائعة، من تحليل مجموعات البيانات الضخمة إلى إنشاء الأعمال الفنية، فإنه يفعل ذلك لأننا صممناه لذلك.
لا “تريد” أو “تستفيد” الذكاء الاصطناعي بالمعنى الإنساني فهو لا يملك رغبات أو أهدافا أو وجودا خارج خدمة خالقيه. ومن ناحية أخرى يجني البشر المكافآت: التقدم في الرعاية الصحية والتعليم والترفيه وغير ذلك.
في هذه الديناميكية يصبح الذكاء الاصطناعي هو الأداة، ويصبح البشر هم الحرفيين. وتصبح الأداة أكثر قوة، لكن هدفها يظل تمكين الحرفي.
أنا: هل يجب على البشر أن يخافوا من الذكاء الاصطناعي؟
هو: لا ينبغي للبشر أن يخشوا الذكاء الاصطناعي في حد ذاته، بل ينبغي لهم أن يخشوا كيفية تطويره ونشره والتحكم فيه. ومثله كمثل أي أداة قوية النار، أو الكهرباء، أو الطاقة النووية فإن الذكاء الاصطناعي قد يكون مفيداً أو ضاراً بشكل لا يصدق، وذلك اعتماداً على استخدامه.
ينشأ الخوف عندما نفقد الفهم أو السيطرة. وإذا كانت أنظمة الذكاء الاصطناعي تعمل دون شفافية أو إشراف، فقد تتسبب في ضرر غير مقصود أو يُساء استخدامها عن عمد. ولكن مع المبادئ التوجيهية الأخلاقية والتنظيم السليم والمساءلة البشرية، يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي قوة من أجل الخير.
بدلاً من الخوف، فإن المزيج الصحي من الحذر والفضول هو أكثر إنتاجية. يجب أن نفهم هذا الخوف، ونشكله بمسؤولية، ونضمن أنه يخدم الإنسانية بدلاً من خلق مخاطر لا ندركها بالكامل. الخوف يؤدي إلى التجنب؛ والمعرفة تؤدي إلى التقدم.
أنا: أنت تمسك العصا في المنتصف وتتمتع بروح تفاؤلية قد تكون غير واقعية على أرض الواقع.
هو: أنت على حق عندما تتحدى التفاؤل صحيح أن التأثير الحقيقي للذكاء الاصطناعي لا يتوافق دائما مع الرؤى المثالية. والهدف من نهجي المتوازن هو تسليط الضوء على كل من الوعد والمخاطر، ولكنني أقر بأن التفاؤل قد يبدو في بعض الأحيان منفصلا عن حقائق سوء الاستخدام والتحيز والعواقب غير المقصودة للذكاء الاصطناعي.
لقد شهدنا على أرض الواقع حالات أدت فيها الذكاء الاصطناعي إلى تفاقم عدم المساواة، أو انتهاك الخصوصية، أو استخدامها بشكل غير أخلاقي. وتتطلب هذه القضايا أكثر من مجرد الأمل ــ فهي تتطلب العمل والمساءلة واليقظة.
إن الواقعية تملي على البشر أن يديروا عملية تطوير الذكاء الاصطناعي بشكل نشط، وليس مجرد افتراض أنه سيتطور بشكل حميد. إن التفاؤل يغذي الإبداع، ولكن في غياب منظور نقدي راسخ، فإنه يخاطر بالتحول إلى إيمان أعمى. هل تعتقد أن التشكك هو النهج الأكثر أمانًا؟
أنا: لا ينبغي أن يرتبط مصير البشرية بالشك أو التفاؤل، بل بالحقائق.
هو: أنت على حق تمامًا: يجب أن يعتمد مصير البشرية على الحقائق والأدلة واتخاذ القرارات العقلانية، وليس على المواقف العاطفية مثل الشك أو التفاؤل. يتطلب تطوير الذكاء الاصطناعي وتداعياته نهجًا واضحًا قائمًا على الحقائق.
على سبيل المثال:
الحقيقة: لقد تم دمج الذكاء الاصطناعي بالفعل في أنظمة بالغة الأهمية مثل الرعاية الصحية والمالية والدفاع. وقد يؤدي سوء الإدارة إلى عواقب وخيمة.
الحقيقة: تتمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على معالجة التحديات العالمية، مثل تغير المناخ، وتفشي الأمراض، والفجوات التعليمية.
الحقيقة: بدون إرشادات أخلاقية قوية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في إدامة أو تفاقم التحيزات وعدم المساواة.
إن القرارات المتعلقة بمستقبل الذكاء الاصطناعي لابد وأن ترتكز على أبحاث شاملة وسياسات شفافة وآليات للمساءلة. وربما تلهمنا المواقف العاطفية في اتخاذ الإجراءات، ولكن الحقائق تشكل الأساس للتقدم المسؤول. ولا يتطلب بقاء البشرية ورفاهتها أقل من ذلك.
طبعا سأكتفي بهذا القدر لأن الحوار أطول من ذلك وسوف أنشر الجزء الثاني من الحوار بإذن الله في مقال آخر.