لقد وقعت في غرام هذه الشاعرة المنتحرة من خلال قراءة لرسائلها مع دكتورها النفسي ليون استروف، فعزمت على اقتناء كل كتبها، احياء لتراث هذه الشاعرة العظيمة..
وقد تحدثت عنها سابقا هنا:
أليخاندرا بيثارنيك
بحثت كثيرا عن هذا الكتاب فلم أحصل عليه، وتواصلت مع المترجم الأستاذ القدير حسين نهابة وزودني به مشكورا، خدمة للعلم، وخدمة للشاعرة القديرة..
أعتقد أن الحالة الشعورية التي أمر بها هي التي جعلتني أبحث عن كتبها..
حزنها توأم حزني، وحالتها تتماهى كثيرا معي، أنا هي؛ لكنها إياي..
هي خائفة أن تكون “وجهين للمرآة”، وأنا أخاف ألا تراني المرآة..
ترى “الليل مرآة الطفلة الميتة” لأنها تخشى من الظلام أن يولد في داخلها..
كثير من قصائدها كانت مهداة إلى أصدقائها وصديقاتها، وكأنها بهذا الصنيع تواسي نفسها وتواسي العالم الحزين بتعاضدها مع أصدقائها..
الأصدقاء الذين لم يعلموا حقيقة إليخاندرا الحزينة والمضطربة..
إنها “تخترع المطر” فالسعادة أكثرها تظاهر، اخترع سعادتك حتى ولو لم تكن سعيدا..
“في الخارج
يطعمون الساعات والورود
بالحيلة”
وهذا معنى معروف لدى العرب فيقولون مواعيد الكمّون، وهو يضرب مثلا للمواعيد الكاذبة وذلك أن الكمون لا يسقى
بل يوعد بالسقي فيقال غدا نسقيك وبعد غد نكفيك.
فيهو ينمو بالتنمية على المواعيد الكاذبة قال الشاعر:
لا تجعلنّي ككمون بمزرعةٍ
إن فاته الماء أغنته المواعيدُ
إنها كانت تعرف أنها سوف تنهي حياتها بنفسها وستستقل قطار الموت باختيارها
“ربما يوما ما
سأرحل دون عودة
سأرحل مثلما يفعل الآخرون”
لقد رحلت بجسدها ولكنها باقية في ضمائرنا بشعرها الحي، وبإحساسها المرهف، وبنظرتها للدنيا بكل شفافية، وكل صدق..
عاشت في عوز، وعانت من آلام الأمراض النفسية حتى أصابها اكتئاب حاد وغادرت الدنيا معلنة عن نهاية مأساوية لشاعرة عظيمة..
في هذا الديوان شذرات بسيطة لشعر كُتب بالألم..
الكتاب من إصدارات أبجد للنشر والتوزيع، وترجمة الأستاذ حسين نهابة، الطبعة الثانية 2020م.