29ديسمبر

مداواة النفوس وتهذيب الأخلاق

كتاب مداواة النفوس وتهذيب الأخلاق لابن حزم.

ابن حزم الإمام العلم المشهور الذي قال عنه الذهبي: (وكان ينهض بعلومٍ جمّة، ويجيد النقل، ويُحسن النظم والنثر، وفيه دين وخير، ومقاصد جميلة، ومصنفاته مفيدة، فلا نغلو فيه، ولا نجفو عنه، وقد أثنى علينا قبلنا الكبار).

هذا الكتاب الذي أنصح به الجميع، ولا أجد حرجاً في أن أوصي به في كل وقت، وعلى جميع الأصعدة للنوعين معاً ذكورا وإناثاً؛ لأنه كُتب بمدادٍ من صدق وجلّا دقائق عويصة في النفس البشرية.

ابن حزم ناصحٌ أمين، ولسانُ صدقٍ، وقد كتب هذه الحروف بعد أن شاخ وكبر، فهو يعطي زبدة تجاربه، وحصيلة عمره، ونِتاج ما فعلت به الأيام.

هذا الكتاب عبارة عن فقرات صغيرة مركّزة يتحدث فيها المؤلف عن أمورٍ شتى قد وضعها تحت فصول عديدة ومن هذه الفصول: (فصل العلم، فصل في الأخلاق والسير، فصل في الصداقة والنصيحة، فصل في أنواع المحبة، فصل في مداواة الأخلاق الفاسدة، فصل في غرائب أخلاق النفس…إلخ).

يُعرف الكتاب باسمه هذا (مداواة النفوس وتهذيب الأخلاق) وقد طُبع بالاسم الآخر (الأخلاق والسير) ولكن كلاهما واحد وإن اختلف المسمّى كما بيّن المحقق.

الذي زاد الكتاب جمالاً وبهاءً هو صنيع المحقق الدكتور محمد مطر سالم بن عابد الكعبي إذ شرح ما يحتاج إلى شرحٍ من الغريب، ووضع فقراتٍ للكتاب أخذها من كلام ابن حزم نفسه، أو ملخصة لكلامه، وهذا عملٌ جديد لم يسبق إليه أحد، كما أنه وشّى الكتاب بتعليقات كانت مفيدة جدا.

فمن غرر ابن حزم –رحمه الله- التي أوردها في الكتاب:

1-ليس بين الفضائل والرذائل، ولا بين الطاعات  والمعاصي، إلا نِفار النفس وأُنُسها فقط؛ فالسعيد من أنِست نفسه بالفضائل والطاعات، ونفرت من  الرذائل والمعاصي، والشقي من أنست نفسه بالرذائل والمعاصي، ونفرت عن الفضائل والطاعات.

2-انظر في المال والحال والصحة إلى من دونك، وانظر في الدين والعلم والفضائل إلى من فوقك.

3-العلوم الغامضة كالدواء القوي، يُصلِح الأجساد القوية، ويُهلك الأجساد الضعيفة، وكذلك العلوم الغامضة تزيد العقل القويَّ جودة، وتصفيّه من كل آفة، وتُهلك ذا العقل الضعيف.

4-من نقص عُلّو أحوال الدنيا من المال والصوت أن أكثر من يقعان في غير أهلهما، وفيمن لا يستحقهما.

5-احرص على أن تُوصف بسلامة الجانب، وتحفَّظ من أن تُوصف بالدهاء؛ فيكثر المتحفظون منك، حتى ربما أضرَّ ذلك بك، وربما قتلك.

6-السعيد –كل السعيد- في دنياه؛ من لم يضطره الزمان إلى اختبار الإخوان.

هذا السِفر يضاف إلى قائمة كتب علم النفس، وإذا كان الغرب يفخرون بفرويد فنحن نفخر بابن حزم، والخلاصة أن الكتاب مفيدٌ كله، عظيم القدر، كثير النفع.

رحم الله المؤلف وأسكنه فسيح جناته، وأجزل الله العطاء والمثوبة للمحقق، وبارك الله في دار القلم التي أخرجته في أفضل حُلة، وفي أجمل مظهر.

الكتاب من القطع المتوسط يقع في 256 صفحة من إصدارات دار القلم عام 1438هـ الطبعة الثالثة.

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *