كل فِرقة لديها بطلها الأبدي الذي لا يموت؛ فالعالِم العبقري نيكولا تسلا ما يزال حيًّا ويدير مشروع مونتوك، وصدام حسين لم يُقتل بل شبيهه الذي تمت محاكمته وإعدامه؛ بل إني قرأتُ كتابا كاملا يُثبت بالصور أن الرجل المقبوض عليه هو الشبيه وليس صدام نفسه!! وقل ذلك في أسامة بن لادن فهو حالياً في مخبئ سريّ لدى أمريكا كما يعتقد مريدوه، ومايكل جاكسون لم يمرّ عليه شبح بالموت بل أُخفي لدى الأمريكان من أجل أسباب سياسية، وأعتقد أنه بالغرفة الملاصقة لابن لادن حتى يخفف عن أسامة آثار الحبس الانفرادي. وأما هتلر، وما أدراك ما هتلر فإنه لم ينتحر بل هرب إلى أمريكا الجنوبية هو وزوجته؛ حتى أن الكاتب الأرجنتيني آبل باستي ألَّف كتابا (هتلر في الأرجنتين) لتردَّ عليه الكاتبة البرازيلية سيموني دياس بكتابٍ أسمته (هتلر في البرازيل، حياته ووفاته)، ما يشغل بالي حقا هو هل هتلر يطالب بحقوق كتابه (كفاحي)؟ والقائمة تطول وأستطيع تأليف كتاب اسمه (العظماء الأموات، وهمٌ على قيد الحياة).
عاطفيون هم الناس، لا يحبَّون أن يموت أبطالهم، وهم في نظرهم خالدون لا يجري عليهم ناموس الموت، ولا سنة الحياة.
الناس يؤمنون بالموت ولكن ليس لأحبابهم ولا إلى قدواتهم ولا إلى من يعظّمونهم ويرون فيهم الخلاص من وطأة الغرب والمحتل، أو وطأة السائد في زمانهم، وليس هذا في حسب؛ بل هم يؤمنون بالأفذاذ في كل المجالات بسبب أن هذا الفذ كسر القاعدة، والبشر بفطرتهم يحبّون كسر القواعد، بل إن القواعد لم تُوجد إلا لتُكسر على حد تعبير هتلر. وحين يموت العظيم في نظر المحبّين، يشعرون بأنهم فقدوا شخصا مقربّا، وكأنه من أفراد العائلة، أو من قرابتهم.
إن الموت يخبرهم بضعف قادتهم، وهم لا يرونهم كذلك. وهذا يُذكرني بقول الأول:
عيبُ الأناة وإن طابت عواقبها
أن لا خلودَ، وأن ليسَ الفتى حجرا
الأناة طيبة؛ ولكن لها عيباً واحداً: هو أن الإنسان ليس خالداً حتى يصبر ويتأنى إلى ما لا نهاية، وهذا بيت القصيد، الإنسان ليس خالداً؛ لكن من يُقنع أتباع العظماء أن عظماءهم ليسوا خالدين؟
*نشر في مجلة فرقد الإبداعية التابعة للنادي الأدبي بالطائف العدد التاسع عشر:
https://fargad.sa/?p=10349