8نوفمبر

الأدباء ومستشفى المجانين

ما الذي يدفع الأدباء للذهاب طوعاً لمستشفى المجانين؟

الكاتب الإنجليزي تشارلز لامب قضى ستة أسابيع برضا تام وبمحض إراداته في مستشفى الأمراض العقلية، وزكي مبارك مكث يوما كاملا في أحد دور المجانين، والروائي المغربي محمد شكري قضى ردحاً من حياته –بإرادته- في مستشفى المجانين؛ بل وكان يخرج يوميا لشراء حاجياته ثم يعود للمستشفى مرة أخرى؟ لماذا كل هذا؟

تشارلز لامب يقول: لا تحلم بأن تكون قد تذوقت كل عظمة الخيال وشراسته من دون أن تفقد عقلك.

وزكي مبارك يُحدّث عن سبب ذهابه ويقول: خطر لي مرة أن أزور إحدى دور المجانين ثم انصرفت عن ذلك بما أشاهد من المجانين المتعاقلين الذين يملأون الأندية والمعاهد العلمية.

ولكني ضقت ذرعا بأولئك بالمتعاقلين الثقلاء فصممت على الترويح عن النفس بمشاهدة المجانين الذين حقت عليهم كلمة الجنون.

ومحمد شكري يصرّح: إن المجانين يفتحون لي أبواب الإلهام لأطل على العالم. كلما نظرت إلى مجنون رأيت فيه شعلة الذكاء.

وأما أنا فأقول: أن الأدباء -في الجملة- فيهم ضربة لازبٍ من جنون، ويريدون أن يروا إخوانهم من المجانين الأصليين، ليروا كمية الفروقات التي بينهم وبين من هم في المستشفى.

لقد حدثتني نفسي أكثر من مرة للذهاب إلى هناك؛ ولكني خشيت أن أدخل فلا يتم التفريق بيني وبينهم، وكما قيل:

وكل الناس مجنونٌ ولكن
على قدر الهوى اختلف الجنونُ

 

 

*نشر في مجلة فرقد الإبداعية التابعة للنادي الأدبي بالطائف العدد الرابع عشر:
https://fargad.sa/?p=7963

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *