كان من دواعي سروري أني تلقيت دعوة للمشاركة متحدثا رئيسيا في الأسبوع الثقافي السعودي الألباني في ألبانيا من 16-20 سبتمبر 2025 للحديث عن كتابي (لقد توقفت عن البكاء) والذي تُرجم للغة الألبانية قبل عامين.
وهنا طرفة حول هذه الترجمة يحسن ذكرها؛ فإني حين عزمت على ترجمة كتابي للألبانية وصلتني بعض الآراء المناهضة التي تستنكر الترجمة للألبانية ليس تقليلا منها ولكن لأنها غير مشهورة لاسيما عندنا في الخليج ولكني كنت مصر على أن أتم هذا المشروع بحكم توفر أسباب تنفيذه من دار نشر ومنحة هي منحة ترجم التي تغطي جميع التكاليف؛ فلماذا لا أترجم؟
وفعلا تمت الترجمة أولا لديواني أعرف وجه اليأس جيدا لأكون أول شاعر سعودي يترجم ديوانه إلى اللغة الألبانية ثم في نفس العام ترجم كتابي الثاني واليوم وبعد مرور عامين أجني ثمار هذه الترجمة لأنه كما قيل: افعل ما هو صحيح والمال يأتي لاحقا.
كانت رحلتي يوم الاثنين الساعة 2:50 فجرا إلى اليونان ومن اليونان إلى ألبانيا.
وصلت ألبانيا الساعة 10 صباحا وكان في استقبالنا فريق وزارة الثقافة السعودية مشكورين وقد توجهنا مباشرة للفندق وكان في معيتي الأستاذ والصديق/ عبدالرحمن السيد الرئيس التنفيذي لجمعية الترجمة والأستاذ/ أحمد الرديني مقدم الجلسة.
لقد انقضت الرحلة بسرعة بحكم الأحاديث المطولة مع عبدالرحمن فإنه نعم الرفيق الذي تحمد سجاياه، والغريب أننا كلنا نسكن في مدينة الرياض ولكن لم نلتقي من حوالي سنة ثم نلتقي في ألبانيا ونأكل وجبة الغداء في مطعم تركي يقدم أشهى المأكولات وأطيب وأعذب بقلاوة.
كنت أملك كل الوقت يوم وصولي لأن جلستي الحوارية سوف تكون غدا الثلاثاء ولذلك عمدت إلى أقرب مكتبة من الفندق لأرى ما فيها من كتب لأني أحب دائما في كل رحلاتي أن أزور المكتبات المحلية.
لم أجد أي كتاب عربي -كما هو متوقع- ولكني وجدت عدة دواوين شعرية لشاعرة ألبانية اسمها ريتا فاقتنيت ديوانين لها، ولما وصلت للفندق وبحثت عن هذه الشاعرة وجدت أنها شاعرة مشهورة نسبيا في ألبانيا.
تواصلت معها لأتعرف عليها ولكنها لم ترد إلا بعد مغادرتي ولكن حصل بيننا أحاديث ومراسلات لطيفة.
جلستي الحوارية كانت الساعة الثانية ظهرا ومعي الدكتور/ ألبان الذي ترجم مشكورا كتابي وهو دكتور في قسم اللغات في الجامعة.
كانت جلسة رائعة أدارها باقتدار الأستاذ/ أحمد الرديني.
بعد الانتهاء من الجلسة عزمني الناشر الألباني السيد/ رجب على وجبة العشاء فقلبت دعوته مشكورا.
ذهبنا إلى مطعم اسمه (سفره) نفس الكلمة العربية عندنا ونفس معناها.
قابلنا صدفة في المطعم صحفية ألبانية يعرفها الناشر فلسمت علي ورحبت بي في ألبانيا وسألتني عن رأيي في ألبانيا وقالت لي كم عدد كتبك التي نشرتها؟ قلت: 18؟ قالت: متأكد: لعلك تقصد: 8، قلت: لا، أعني 18، فقالت: أنت صغير على أن تنشر 18 كتابا؟ لماذا كل هذه الكتب؟ قلت: أنا أصيح منذ الولادة! التفتت للناشر وقالت: أرسل كتابه سوف أكتب عنه في الصحيفة.
مما أعجبني في ألبانيا أن الشعب هناك ودود ولطيف ومتعود على السياح ومائدتهم الوطنية لذيذة فهي تشبه الإيدام باللحم عندنا.
السائق الذي كان يوصلني أثناء إقامتي كان اسمه (قارثي) وكان مسيحيا وزوجته مسلمة فكنت أقول له كيف هذا؟
فقال نحن هنا في ألبانيا لا نتحدث عن الدين كثيرا!
كانت رحلة جميلة استمتعت فيها بالأجواء الثقافية بين البلدين.
نحن نعيش في عصر الثقافة والإبداع بفضل الله ثم بفضل وزارة الثقافة وهيئة الأدب والنشر والترجمة.
ودائما وأبدا على دروب الثقافة نلتقي.