15يونيو

خطاب النية

قرأت وكتبت العديد من الخطابات إلا أن خطابا جديدا دخل حيز معرفتي مؤخرا وهو “خطاب النية”.

هذا الخطاب هو وثيقة رسمية للتقدم إلى منحة دراسة ولكن مفهومه أعجبني ويتجاوز حدوده الرسمية لأنه مواجهة صريحة مع الذات لطرح أسئلة جوهرية: من أنا؟ ماذا أريد؟ ولماذا أريده؟ وما الذي يجعلني مناسبا لهذه المنحة؟ ولماذا هذه الجامعة بالذات؟
في الخطاب الرسمي يطلب منا أن نكتب ما يجعلنا جديرين بالفرصة: أحلام واضحة وطموحات مرتبة وسبب مقنع.
شيء في هذا الطلب شدّني…كأنني أحتاج خطاب نية لحياتي خارج إطار المنحة.
كتابة حلمي لأراه بوضوح: إنه طلب حقيقي لتحويل الأفكار التي أرددها في داخلي إلى وعد ملموس لا يخص الجامعة إنما يخصني أنا!

خطاب النية هو وعد شخصي بأن نجرؤ على الاعتراف بما نريد حتى لو بدونا مترددين أو لسنا متأكدين.

اعتراف بأن ما نكتبه خريطة تنقذنا من دوامة التشتت، أن نقول ولو لمرة واحدة “هذا ما نريده” ربما يمنحنا يقينا هشا لكنه في الأخير “يقين”.

أعجبني هذا الوضوح ومعاني ودلالات هذا الخطاب وتمنيت لو نكون واضحين في حياتنا بشكل عام مثلما نكون واضحين في خطاب النية.

خطاب النية يقدم درسا عمليا في احترام الأحلام وتسمية الأولويات لأنه وعد شخصي بالصدق والاتساق مع ما هو مرغوب في الداخل.
يذكرنا بأن هناك دائما ضوء قادم من الداخل، وأن الأفكار الحالمة حينما تُكتب في خطاب تكون و اضحة وملزمة لجميع الأطراف.

قد يبدو الأمر بسيطا لكن في عالم مزدحم بالمشتتات والنوايا المعلقة يظل الصدق مع النفس مهمة صعبة.
من منا يستطيع أن يعترف: هذا ما أريده/ هذه خطتي/ وهذا أثره في حياتي وفي من حولي؟
نخشى مواجهة أنفسنا لأننا نعلم أن الطريق ليس واضحا دائما.
أحيانا الأسئلة وحدها تكفي:
-ماذا أريد حقا؟
-ما الذي يدفعني للاستمرار عندما تخفت الحماسة ويقل الشغف؟
-هل أسعى لما يشبهني أم لما يعتقده الآخرين عني؟
الأسئلة تمنحنا فرصة التوقف قبل أن نكمل في اتجاه لا يشبهنا.
أرى أن كتابة خطاب النية لا يتطلب انتظار منحة دراسية.
يمكن أن يكتب الإنسان خطابه في أي لحظة يشعر فيها بالحاجة إلى توجيه بوصلة حياته؛ فهي وثيقة شخصية وخريطة تقوده في لحظات التردد واللارؤية. في عالم يزدحم بالضباب يظل خطاب النية مساحة للوضوح والثقة وينشئ علاقة صادقة بين الذات والطريق الذي تسير فيه.

أخبرني: هل ستكتب خطاب النية؟

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *