20مايو

الكلمة الطيبة

الكلمة الطيبة أصبحت أندر من الرجل الآن!لاحظت كثير من الناس الآن عندهم ردود مسكتة أكثر من الحد الطبيعي، ولديهم مستودع بذيء من الألفاظ أو في أحسن الأحوال مستودع من الكلمات الجارحة والردود التي تتجاوز الحد الطبيعي للتواصل البشري!
نحن لسنا بحاجة إلى هذه الردود القوية في التواصل اليومي، نعم يجب على المرء أن يحفظ مثل هذه الردود لاستخدامها وقت الحاجة أو في أوقات الضرورة ولكن المشاهد الآن أن هذا أصبح أسلوب حياة يعيش به الناس بعضهم البعض حتى لدرجة أن اللطف أصبح عملة نادرة.
لا أريد أن أقول “تنمر” لأن هذه الكلمة استهلكت ولكن سمّها ما شئت: المشاهد الآن أن الكلمة الطيبة الحنونة التي تربت على القلب قبل الكتف لم نعد نسمعها ولا نشاهدها في مواقع التواصل إلا لمما.
أصبح الإنسان المعاصر “معبأ” بشكل أو بآخر بالكلمة القوية: هل هذا بسبب الأوضاع الطاحنة التي ندور فيها؟ متى كانت الأوضاع هادئة أصلا حتى نضع الأوضاع شماعة لسوء تصرفاتنا؟ هل هذا بسبب الانفتاح الهائل المعرفي لمواقع التواصل؟ لا أعلم ولكن الذي أعلمه أن “الكلمة الطيبة” في طريقها للانقراض.
مشغولين بالرد القوي لا الأحن، وبالحسم لا باللطف، وكأن هناك جائزة لمن هو أجرأ أو أن التهذيب أصبح “يخرب” البرستيج والهيبة!
أصبح هناك حمى جمعية ومزاج غاضب على طول الطريق.
يفكر الكثير بأن أي حوار هو معركة وأي كلمة هي تحدي مما يضطره للدخول في نفق التأويل الذي يؤدي للخصام والعراك اللفظي ليؤدي في النهاية أن كل يوم هو في اختبار دائم للصبر.
أحيانا المطلوب من الشخص هو السؤال بمعنى لو شككت في كلمة معينة أو جملة ما من الطرف الآخر: بإمكانك وبكل سهولة أن تسأله ماذا تقصد أو تقول أنا فهمت من هذه العبارة كذا هل هذا ما كنت تقصده؟ العجيب أنك ستتفاجئ بأن المقصد لم يكن ما ذهبت إليه وأن المعنى مغاير تماما ولكن ربما الطرف الآخر لا يعرف كيف يعبّر عن وجهة نظره أو أنه استخدم مفردات حمّالة أوجه.

الوضع أصبح مستفز لدرجة كبيرة.
يجب علينا أن نتوقف ولا نقلب الحياة إلى “مناظرة” وأن نسمح لأنفسنا بالهدوء وأن نتعلم الإنصات لأن كثير من المشكلات تقع بسبب عدم فهمنا لما يُقال أو عدم سماعنا للجملة كاملة أو فهم السياق كاملا.
لا مانع أن نخطئ ويجب علينا الاعتذار بعد الخطأ.

هيا بنا لنعود إلى إنسانيتنا في شكلها الأول.

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *