10مايو

الثقة كنافذة لا كجدار

دأبي دائما في العلاقات العملية أو الشخصية اني أعطي ثقتي للشخص الآخر 100% ومع الأيام تنقص بناء على كمية الأخطاء التي يرتكبها.

أنا أعلم أني عكس معظم الناس فإن الناس لا يمنحون ثقتهم لأحد إلا بعد طول التجربة ومدة المعرفة وهذا ليس خطئا وإنما هي طريقة أخرى في تكوين العلاقات.

بالنسبة لي أرى الأمر من منظور الإنسانية بمعنى أنه لا يوجد دليل على عدم إعطائي الثقة بالكامل للشخص الآخر على اعتبار انه إنسان “كامل الإنسانية” ولا وجود لأي بوادر عداوة بيني وبينه لاسيما إذا كنا نرى بعضنا لأول مرة.

القيد الثاني أني لا أتصور أن الإنسان من الممكن أن يكذب لأي ظرف ما؛ لأن الذي يكذب إما أن يخاف أو يرجو، ولا أتصور أني مكان للرجاء والخوف!

أرى الحياة بهذه البساطة وبهذه العفوية، هل أنا غشيم؟
لست غشيما ولكني أحب المسؤولية تجاه نفسي وأحب أن أمنحها للآخرين حتى يكونوا مسؤولين عن أفعالهم.
وهل يعد غشيما من يمنح الآخرين مساحة أن يكونوا كما ينبغي أن يكون الإنسان؟
بعضهم يختار طريق الشك ويكون شكاكا في كل شيء ويعامل الناس بهذا، أما أنا فإني أمنح الثقة وانتظر من الآخر أن يحافظ على هذه الثقة الممنوحة.
أغلب الناس يبنون الثقة كالجدار حجرا فوق حجر ويتوقعون أن هذا الجدار لن ينهار لأنه مبني بعناية؛ لكني أنا أبني الثقة كنافذة مفتوحة لا كجدار.
أسمح للضوء أن يدخل والهواء وربما الحب أيضا، حتى العواصف قد تدخل من هذه النافذة لكنها ستبقى مفتوحة دائما حتى يأتيها العطب ليس فجأة وإنما مع كثرة الداخلين فتكون مغلقة للأبد!

هذا النهج ليس خاليا من الألم؛ لأنك حينما تعطي الثقة كاملة 100% فإن كل خيبة تأتي وكأنها “خيانة”، وكل كذبة تصبح طعنة في صدر “الصدق”.

أؤمن بأني أنا والآخر يجب أن نكون “شركاء في الإنسانية” وأجزم بأن الثقة ليست شيئا ينتزع، إنها هبة أولى وكرامة البداية والآخر إما يحافظ عليها أو يفقدها بمرور الوقت.

 في زمن تكسّرت فيه المرايا وكثرت فيه الأقنعة ربما أبقى غريبا في طريقة بناء علاقاتي لأني أعوّل على تذكير الناس بأن الأصل في العلاقات ليس الدفاع إنما المشاركة.

أنا أقول دائما للآخر:
أنا لا أتعامل معك بناء على ما أخاف أن تكون لكن بناء على ما أرجو أن تكون عليه.

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *