طلبت من الذكاء الاصطناعي أن يرسم تصوّره عن شكل عائلة نموذجية فرسم لي صورة العائلة الأمريكية من خلال كرسي جميل في غرفة الجلوس بجانب موقد النار وصورة لأربعة أشخاص مكونة من أم وأب وولدين معلقة على الحائط وكلب يفترش الأرض بسكينة.
طلبت منه حذف صورة الكلب، فحذف الكلب وأضاف ولداً ثالثاً في الصورة المعلقة على الحائط.
هو يتخيّل النموذج الغربي أو الأمريكي، الذي يرى أن العدد المثالي للعائلة هو 5 أشخاص، وكذلك اعتبر الكلب “شخصاً” لأنه حذفه في المرة الثانية وأضاف إنساناً إلى الصورة، فهو يعامل الكلب معاملة الإنسان!
ولا أعرف لماذا تخيّل النموذج الغربي ابتداء، مع أني ذكرت العائلة بشكل مبهم ولم أحدد لا بلد جنساً أو عرقاً أو بلداً.
بعد ذلك طلبت منه أن يرسم تصوره عن العائلة النموذجية الخليجية، فرسم لي عائلة مكونة من أب وأم وطفلين، الأب يلبس الثوب والشماغ والعقال مع لحية كثة وكذلك الأم تلبس العباءة السوداء ومعهما طفلان صغيران في الصحراء وخلف العائلة خيمة ونخلة ومعهم فانوس، والأب يقرأ لهم من كتاب.
من تُراه لقّن الذكاء الاصطناعي هذه الصورة المغلوطة عنا؟ وهل فعلاً الغرب ينظر لنا بهذه الصورة على أننا ما زلنا نستنير بفوانس الزيت ونعيش في الخيام؟
أين هو التنوع الثقافي والديني المنتشر في الخليج وبلاد العرب عموماً؟
نحن نعتز بتاريخنا وثقافتنا وزينا التقليدي ولا أنكر الخيمة ولا الصحراء؛ ولكن هذا لا يعني أننا منفصلون عن واقعنا الحاضر، فقد أصبحنا في مصاف الدول المتقدمة ولدينا صناعتنا الخفيفة والثقيلة ونستخدم التكنولوجيا الحديثة ونتحدث بلسان العصر الحديث.
هذه النظر ستدوم وتستمر إلا إذا قاومناها بنفس السلاح التقني، وأسسنا ذكائنا الاصطناعي الخاص بنا والذي نزوّده بالمعلومات الحقيقية والصحيحة على الأقل عن أنفسنا؛ لأن هذا هو الدور الجوهري للقوة الناعمة.
رغم كل المنجزات الحقيقية التي أنجزها الخليج سواء على صعيد الإنسان أو البنيان؛ إلا أن هذا لم ينعكس على المدخلات الموجودة في هذا الذكاء الاصطناعي وهذا يدل على الفجوة الكبيرة الموجودة في المحتوى الإنجليزي الذي يخصنا نحن كخليجيين أو عرب عموما.
هل يعلم الذكاء الاصطناعي عن نيوم، وعن اكسبو 2030، وعن استضافة كأس العالم 2034؟
القاعدة واضحة: إذا لم تتحدث عن نفسك، سيتحدث الآخرين عنك وكما يقول المثل الشعبي: الي ما يأكل بيمينه ما يشبع!