كيف لي أن أزور السويد في رحلة شعرية ولا اقرأ عن الشعر السويدي؟
أنا الآن في طريقي إلى ستوكهولم وبين يدي كتاب إطلالة من حواف النهائي انتلوجيا الشعر السويدي من سبعينات القرن الماضي حتى العقد الأول من الألفية الثالثة تقديم سليم بركات، وتحرير جاسم محمد/ ماغنوس ويليام أولن، وترجمة: إبراهيم عبدالملك/ جاسم محمد، والكتاب بدعم من المجلس الأعلى للثقافة في السويد.
أعجبتني الكلمة المطولة للمترجمين في بداية الكتاب وأنقل منها الآتي:
ترجمة الشعر بلاء، وهي من أهم أسباب إطلاق عبارة (المترجمون خونة) التي صارت عرفا وتقليدا وذريعة وأسلوب عمل، لتتحول بعدها إلى ميزة تستوجب الثناء على من يعمل بها.
نصوص تأتيك من أقصى الأرض، من شعراء لا يكتبون كما تعوّدت أن تقرأ، ولا يعيشون ما تعيش من هموم ومشاكل.
كل ما بين يديك، جهد نريد به إيقاد شمعة أخرى كي يتسنى لك أن تقرأ على ضوئها شيئا من الشعر.
لا خنّاك فيه ولا خنّا الشاعر.
إيفا رونفلت من مجموعتها “في الحيوان تقول:
احتضني
إلى كتفك
أين أنا مني؟
أجري
من فمك
قل لي مرة بعد أخرى.
نحن غالبا موتى
وخارج الذكرى.
عند مفصل الكتف
أتعرّى
أريد الدخول هناك
وأرقد،
هناك حيث يسير هو
في فكرة خارجا
من الزحام
والجميلة الرائعة إيفا ستروم في قصيدتها البديعة أنت يا من هو جرحي تقول:
أنت يا من هو جرحي
يا من لن يعود أبدا
ولن يولد ثانية
يا من كنت ناصعا كالثلج
ببشرة جرّبت كل شيء،
يا من ولد بجرح في جنبه،
يا من رفضت كل أنواع التخدير
أخيطك
مرة إثر أخرى
وأنت تفتح الجرح
مرة إثر أخرى
تهمس إنك أنت من بحوزته السكين
أنت حائر
وجهك من ثلج
دموعك ثلج ذائب
يطلع النرجس والنرجس البري من تلك الدموع
تنادي هل لي أن أدخل الغرفة
أجيب بلى
وحين تدخل تأتي ببطء متناه
كأنك قد كففت عن التمني
يوهان نوردبيك في صورة خطيرة يقول:
نائمة حبلى
وأنا أيضا حامل
بالكلمات
وآرنه يونسون في قريبا ستخضر الأشجار كلها يقول:
ليس لدي متسع من الوقت
ولا حتى ما يكفي لستر جسدي
مبتلع حتى النصف
قريبا سيمسي الصيف علينا
احفظيني في وجهك
في التجاعيد الرقيقة
وفي كل ما حولك
انظري
سأموت ولن أعود أبدا
في حلمه العجيب يقول الشاعر لي لي:
تجلسين وفي يدك إناء رز فارغ
أسير نحوك. تصيرين كرسيا
أجلس عليه وأنحني إلى الأمام. تصبحين طاولة
عليها بضعة أوراق رز، فرشاة
أخط، تصبحين
إنسانا مشوها
تهزين رأسك دون أن ترفعي صوتك
أضع الفرشاة جانبا، تصبحين مطبخا
آكل. تصبحين سريرا أغرق عليه في سبات عميق
بحرا أعوم فيه
أسمع ندائك الذي يشبه نداء طفل مهجور
والطفل أنا أستيقظ، أجلس عند نافذة
تطل على وطن جديد وأكتب كلماتٍ قلتيها: ما الكون
إلا
وعاء رز مقلوب.
الحقيقة أن هناك نتفا رائعة وصور بديعة لكني لم أرد الإطالة.
الكتاب من إصدارات دارى المدى عام 2009 يقع في 360 صفحة من القطع الكبير.