ربما إذا انتصفت في الثلاثين، ستجد أمورا أهم من “عداد العمر”..
العداد يمشي ويتحرك؛ ولذلك بلا شك أن ثمة أمورا أهم.
هذه الأمور لا يمكنني تحديدها؛ لأن كل شخص يختلف عن الآخر في ماهية هذه الأمور؛ لكني أؤكد لك أنه ليس من بينها مراقبة “العداد”..
في إحدى رحلاتي تعرفت على صديقة أجنبية، وذات مرة سألتني: كم عمرك؟ وأجبتها، فقالت: أووه أنا أكبر منك، ولم يكن واضحا عليها أبدا أنها أكبر، فقلت لها: رجاء أخبريني عن هذه “الخلطة” التي لديك، غششيني: ماهي الأمور التي أبقتك هكذا، أصغر بكثير؟ هل هي الخيار والزبادي على الوجه/ هل (ماسك) الصبّار يفيد؟
قالت لا أدري حقيقة: ولكن سأخبرك سرا: حينما تجاوزت الخامسة والثلاثين: عشت لنفسي، حرفيا يا حاتم عشت لنفسي فقط.
لم أسالها حرفيا ما معنى “العيش للنفس”، ولكن يبقى الباب مفتوحا لجميع الاحتمالات!
للأسف يا صديقي لا يمكنني إسداء النصائح لك لأنك الآن تجلس بجانبي على نفس الخط، ولم تعد تجلس في الكرسي المقابل/ الكرسي المقابل لنا مخصص للأصغر سنا ممن هم في العشرينات، أنت الآن هنا وأصبحت تملك نفس البطاقة التي معي فهي تخوّلك لعدة أمور:
-بالطبع إسداء النصائح.
-تكرار: اووه يا زين تلك الأيام الفائتة.
-ستكرر كثيرا كلمة: على وقتنا لم نكن نفعلها هكذا.
وغيرها من الميزات تجدها على ظهر البطاقة.
لن أدع هذه الفرصة تفوتني: أسدني خدمة وقل لي: ماذا أفعل الآن؟
يجب أن تتدرب على مثل هذه الأسئلة؛ لأن موقعك تغيّر من السائل إلى المجيب، أنت الآن “ٌقدوة” ومن هم أصغر منك يظنون أنك تملك أجوبة كثيرة لأسئلتهم/ وفعليا يجب أن تكون كذلك لأنك تجر خلفك ثلاثين سنة..
على فكرة: لا ينبغي أن تكون حكيما/ المهم أن تكون لديك وجهة نظر..يجب أن تخبرني كيف ترى الكيكة من جهتك؛ لأنها تختلف عن الكيكة التي لدي باختلاف الطاولة والمكان والحضور وحتى الطباخ..
هناك في ذلك الدولاب تستطيع أن تلبس الملابس الجاهزة المعدة لنا، وبإمكانك بالطبع المحافظة على ملابسك التي معك، وبإمكانك أن تبقى بلا ملابس!
ميزة هذا الخط الذي نجلس عليه/ خط الثلاثين، أنه لا يوجد إجبار، وليس هناك أي سلطة أقوى من سلطتك على نفسك..
في العشرينات الكل يدفّك كأنك كرسي هزاز؛ أنت الآن كرسي هزاز أيضا لكن بتشغيل ذاتي، تهتز متى ما تريد..
السؤال الأهم: هل أنت قادر على التشغيل الذاتي؟