19يونيو

الشعر في لاروخا

لقد جربت أنشطة ممتعة كثيرة في حياتي:
الألعاب المائية/ ركوب الأمواج/ المنطاد
لكن كل هذه الأنشطة لم تعطيني ما أعطانيه إلقاء الشعر في لاروخا..أن يتأثر بك أبناء جلدتك ومن يتحدثون لغتك فهذا أمر مكرور؛ لكن أن ترى الدموع وأمارات التأثر ممن لا يحسنون لغتك فهذا أمر بديع وبعيد المنال..
في اليوم الأول للمهرجان لم يكن أحد يعرف هذا الفتى القادم من الشرق الأوسط، عليه آثار الشمس، يحمل في جيوبه أناشيد الصحراء..
جاء اليوم الثاني وابتدأت الأمسية وأنا بين كوكبة من الشعراء والأدباء من تونس وإسبانيا..
من معي كانوا كلهم يقرأون الشعر إلا أنا أكشط جراحي لأريهم عن قرب هول الفاجعة..
كنت اقرأ ديواني أعرف وجه اليأس جيدا الذي دشنته مترجما إلى الإسبانية هناك في إسبانيا..

النص بالعربي ثم يقرأ المترجم النص بالإسبانية؛ لأن الديوان طبع باللغتين العربية والإسبانية..
بالأمس هذا الفتى غير معروف واليوم هو محل الإعجاب والشفقة والرأفة..
بعد الأمسية سألتني إحداهن: هل فقدت والدتك؟
قلت: لا، قالت لا يكتب أحد هذا الشعر الحزين إلا بعد فقد أمه.
ومن فقد روحه كيف يكتب؟
أكبر جائزة يحصل عليها الشاعر تأثر المستمعين بشعره..
حينما تمددت في القاع دخلت سجون مخيفة وأنا في داخل غرفتي كما قال البردوني:

لأني دخلت السجن شهرا وليلة
ولكن أصبح السجن داخلي

ومن يطلق السجن الذي صرت سجنه
ومن يطرح العبء الذي صار كاهلي

تخشبت والأيام مثلي تخشبت
أتمضين يا أيام؟ من أين؟ حاولي

بعد الأمسية أخبرتني صحفية من كولومبيا أنها تأثرت كثيرا بالقصائد واستأذنتني في التقاط صورة لي من أجل أنها سوف تكتب مقالة عني وعن الديوان في صحيفة محلية في كولومبيا.

سألتني أين أجد الديوان: قلت سوف أعطيك إياه هدية؛ لأن القارئ هو صاحب فضل على المؤلف.

مسكين من يقول أن الرواية معبودة الجماهير، إنه الشعر بلا شك.
قد تكون الرواية “الأكثر مبيعا” لكن الشعر “الأكثر تأثيرا”.
الرواية لا تُحفظ وليست للإلقاء إنها للقراءة فقط..
الشعر يُكتب ويُحفظ ويُغنّى ونهدهد به الأطفال قبل النوم..
كما قيل: حينما تجوب القصيدة أنحاء العالم، تكون الرواية تلبس حذائها..

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *