كنت في معرض الشرقية للكتاب 2023م وهو أول معرض يقام في الشرقية.
كنت حريصا على الذهاب لهناك لعدة أمور منها مشاركة وكالتي وكالة حرف الأدبية في المعرض وكذلك لأنه أول معرض يقام في الشرقية والأمر الثالث مشاركة الدكتور أمير تاج السر بكلمة في المهرجان الثقافي المصاحب للمعرض لأني وكيله الأدبي عن روايته الأخير (فوتوغرافي).
كان من مقتنياتي في هذا المعرض كتاب لهيلين كلير (العالم الذي أحيا به ويليه: تفاؤكل وسكينة عند حلول المساء).
هو كتاب واحد لكنه من الداخل مقسّم على فصلين أو جزئين، ينتهي الجزء الأول عند الصفحة 146، ويبدأ الجزء الثاني بعده مباشر، وهو الجزء الذي شدني والذي سوف استعرضه هنا.
هيلين كلير هي أديبة أميريكية لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم منذ أن كان عمرها تسعة عشر شهرا؛ لكن هذه الإعاقة لم تمنعها من أن تكون ناشطة ومتحدثة تجوب العالم للحديث عن التفاؤل وحب الحياة.
إن الكلام عن الحياة وحبها من شخص مثل هيلين كلير يجعلنا نعيد التفكير في النعم التي لدينا والمواهب الربانية التي منحها الله لنا.
لقد كان الجزء الأول من الكتاب غير متماس معي؛ لكن الجزء الثاني لمسني بشكل فريد، ربما لأني بحاجة ماسة للحديث عن الفأل.
لقد كانت أول صفحة من الجزء الثاني بعنوان بارز (التفاؤل الباطني) وهذا فيه إشارة واضحة على أن التفاؤل ليس شعارات كلامية ولا تهويمات خارجية، وإنما عقيدة داخلية وتفاؤل مصحوبٌ بعمل فعلي على أرض الواقع، والتفاؤل في وجهة نظرها ليس معناه تغييب الشر وإنما تغليب الخير عليه وهذا ما أكدته: (تفاؤل لا يضع تبعات وكلفة أفعاله في الحسبان إنما هو مثل قصر مشيد فوق الرمال.
إذن تفاؤلي ليس يرتكن إلى تغييب الشر، إنما إلى معتقد مبهج يرّجح كفة الخير، ومسعى دؤوب للتعاون مع الخير حتى يسود وتكون له الغلبة.
إن العالم منثور بالخير؛ ولكن ما لم أحوّل أفكاري المبهجة تلك إلى نهج عملي حياتي وأحرث عقلي فلن يكون في وسعي أن أجني لبابا من بذور الخير هذه).
ويبدو أنها تؤمن بنظرية الجذب فهي تقول: (إنني لأطلب أن يكون العالم خيّرا وياللعجب يطيعني العالم، أعلن العالم يعج بأشكال الخير فتعيد الوقائع تشكيل ذاتها كي تبرهن على أن تصريحي هذا صحيح على نحو ساحق).
ربما لو قرأت هذا الكتاب سابقا لم استطع أن أؤلف ديواني أعرف وجه اليأس جيدا، ولا الذي يليه رصاصة محتملة.
الكتاب من القطع المتوسط يقع في 226 صفحة من ترجمة باسم محمود، الصادر عن دار ترياق للنشر والتوزيع عام 2021م.