رسالة إلى شاعر شاب لفرجينيا وولف.
فرجينيا وولف كاتبة إنجليزية.
أكثر من مرة أريد أن أشتري يوميات فرجينيا وولف ولكنني أتراجع بسبب ضخامة الكتاب؛ لأن لي تجربة في اليوميات الطويلة مثل يوميات كافكا أو يوميات سليفيا بلاث فإني أكون بطيئا جدا في القراءة مع كتب اليوميات الضخمة لاسيما إذا كانت لا تروقني.
المشكلة في كتب اليوميات أنك تمر عدة صفحات وأنت لا تقرأ شيئا ذا بال، ولكن يأتيك سطر شاعري عظيم يحمسّك في أن تكمل هذه اليوميات، ولذلك لم أحبب أن أدخل عالم فرجينيا غير الروائي إلا من كتاب يكون مؤثرا ومسددا.
لم يخب اختياري في هذا الكتاب (رسالة إلى شاعر شاب) وهو عبارة عن مقالات كتبتها فرجينيا في أوقات مختلفة وتم نشرها عبر صحف شتى.
من يقرأ هذا الكتاب يعلم لماذا المؤلفة هي أيقونة من أيقونات الأدب الحديث، ولماذا كل هذه الدراسات عنها وعن كتبها إلى الآن.
هذه المقالات تكشف جزء من التفكير الإبداعي منقطع النظير لدى فرجينيا وكيف هي تنظر للحياة وللشعر وللرواية وللمسرح، وكيف تعبّر عن نفسها وعن آرائها وكذلك عن الكتّاب الكبار بكل شفافية وبكل جرأة.
إنها لا تقول السائد ولا تروّج للشائع، إنها تقول فقط ما تؤمن به ولو كان هذا الإيمان هو عكس التيار.
اكتشفت من خلال المقالات أنها ناقدة عظيمة جدا، ومحللة تسبر الحياة بعين دقيقة مجهرية.
في هذا الكتاب تجد المؤلفة متجلية وحاضرة بشخصيتها الفريدة وآرائها القوية، فهي لا تهادن المجتمع الثقافي، ولا تتملق للقارئ، ولا تطلب ود أي أحد.
لقد كانت عالمة بالشعر كثيرا وتحدث بإسهاب بين الشعر والنثر وكانت تميل إلى تفضيل النثر بحكم أن الشعر في وقتها لم يكن مثل الشعر السابق كما تقول.
تقول: (لأن الشعر بالطبع لطالما انحاز إلى جانب الجمال، وأصرّ على حقوق معينة مثل الإيقاع، والوزن، والإلقاء الشعري. ولم يهدف أبدا لأن يُستعمل في استخدامات الحياة العادية. وقد أخذ النثر على عاتقه كل الأعمال المضنية؛ أجاب على الرسائل، ودفع الفواتير، وحرر المقالات، وألقى الخطب، ولبى احتياجات رجال الأعمال، والبقالة ورجال القانون والجنود والعساكر والفلّاحة.
أما الشعر فقد بقي بعيدا في منأى بين أيدي كهنته، وربما قد دفع ثمن هذا الانعزال بفقدانه القليل من المرونة).
أعتقد أن هذا الكلام ليس خاصا عن الشعر الإنجليزي فحسب بل نستطيع تعميمه على كل الشعر في الدنيا.
الكتاب من القطع المتوسط يقع في 152 صفحة من ترجمة إسكندر حمدان، وهو من إصدارات خطوط وظلال الصادر عام 2023م.