أرسلت للصديقة الشاعرة لوركا سبيتي صورة لكتب كانت أمامي على مكتبي.
قلت لها: لم انتبه لهذا..
ثلاثة كتب أمامي اقرأها في نفس الوقت لأديبات انتحرن..
الكتاب الأول: قصتي لمارلين مونرو، والثاني اليوميات لسيلفيا بلاث، والثالث رسالة إلى شاعر شاب لفرجينيا وولف، وهناك كتاب رابع نار حية قصة حب ميلينا يسنسكا ولا أدري إن كانت انتحرت أولا، ولو انتحرت لم أجد ذلك غريبا على حياتها التي مرت بها.
هذه مفارقة عجيبة أن يجتمعن هؤلاء النسوة الأموات على مكتبي في آن واحد..
ماذا يردن مني؟
لماذا كل هذه الفظاعة أمامي يوميا؟ يبدو أني انجذب -بدون قصد- إلى كل من يترجل عن قطار الحياة، ولذلك هناك رف في مكتبتي يحمل كتب بافيزي وهمنغواي وخليل حاوي وبلاث وولف وانطوان مشحور وغيرهم الكثير ويجمعهم خيط واحد وهو الانتحار..
ربما ينقص هذه المجموعة الوجه الدافئ إليخاندرا بيثارنيك الشاعرة الأرجنتينية المنتحرة أيضا..
يجب أن يكون ديوانها هنا لتكتمل حفلة الأموات أمامي..
لوركا برأيك: ماذا يردن مني؟
أجابتني وقالت: (إنه قانون الجذب..تجذبك القصص التي تنتهي لأنك تفضل النهايات الحاسمة على البدايات المزيفة..
وتريد أن تنتهي حياتك على هذا النحو ولكنك جبان(هذا يحميك) ومتعلق..
تواجه الشعر وتخوضه وتتلافى الحياة وتحذر منها لكثرة تعلقك بها…
كأنك لُقنت بأن الواثق بها مخذول والمطمئن إليها كالمنطرب بالفحيح والمسترسل إليها كالمتمتع بالسم.. ومتعلق).
ربما أصابت كبد الحقيقة؛ لأول مرة أرى صفة الجُبن إيجابية في هذا الموضع فقط..
إن كان بقائي على قيد الحياة يُعد جُبنا فعدوني كذلك..
في هذه اللحظة الآنية هناك من يكتب عني دراسة بعنوان: ثيمات الموت والانتحار في أدب حاتم الشهري.
وهناك من قال عن لغتي:
(لغة حاتم لغة حانوتية، تأخذ من الموت مادة لها..
يحمل الموت في قفافيز..
الميلاد ككارثة عنده..
يصمت الأطفال بعد صيحة الميلاد، وحاتم ما زال يصيح للآن..
يجلس مع الموت كصديق قديم، يقدم له فنجانا من الشاي..
الناس يخافون من الموت وحاتم يعانقه عند الباب..
في كل مرة يجيء الموت يصافحه مصافحة المحبة ويقول: الآن؟ والموت يقول ليس بعد..
ديوانه أعرف وجه اليأس جيدا مقبرة مزينة بالورود)..
لا أنكر أني أذكر الموت والموتى كثيرا في كتاباتي التي هي انعكاس حتمي لقراءاتي..
بحق أنا لا أخاف من الموت، أنا أخاف من الحياة..
*تم نشر هذه المقالة في مجلة فرقد الإبداعية: