سعدت بالدعوة الكريمة من الجامعة الكاثوليكية بميلانو للمشاركة بورقة بحثية عن (الوكالة الأدبية وشراء الحقوق في المنطقة العربية) في مؤتمرها الدولي السادس للغة العربية وثقافاتها بعنوان “جسور بابل. دور الترجمة في بناء الحضارة” والذي يعقد في مدينة ميلانو في الفترة من 16-18 مارس 2023.
من الأمور التي شدتني في إيطاليا فور وصولي، هي أناقة اللبس لديهم.
لقد أسفت على لبسي في المرآة نظرا لأناقتهم الشديدة صغارا وكبارا.
إنهم يلبسون بحب، تشعر في أناقتهم اللطف.
هذه الأجواء اللطيفة من الأناقة والمودة، تسهّل على كاتب مثلي أن يبدع في مهمته التي جاء من أجلها وهي تقديم ورقة بحثية عن الوكالة الأدبية في المنطقة.
ذهبت يوم الخميس 16 مارس إلى الجامعة الكاثلويكية وكانت رائعة البنيان جميلة بالإنسان وهي من أقدم الجامعات في إيطاليا، وأكثر ما أدهشني في الجامعة أنها تدرّس القرآن وكذلك تدرس اللغة العربية؛ بل إن فيها طلابا مسلمين، لقد أعجبني هذا الانفتاح العقلي، وكذلك المرونة الفكرية التي لديهم.
بدأ المهرجان بكلمة الأنيق الرائع المحلّق د.وائل فاروق ثم قدّم لنا عريس تلك الليلة البرفسور ستيفانو أردويني والذي تحدث عن الغربة في الترجمة، وكانت كلمته مؤثرة للغاية والتي كانت تدور حول احترام الآخر، وأن الترجمة لا يجب أن تكون متطابقة إلى اللغة الهدف، بل يجب نقل النص كما هو بعلاته وباختلافاته؛ لأن صهر اللغات كلها في لغة واحدة بقالب واحد ينتج لنا في الأخير كلاما واحدا وفكرة واحدة، وهذا غير المقصود من وجود عدة لغات في الأساس.
لقد شدد كثيرا على احترام الآخر وعلى التعددية اللغوية والتعددية الفكرية.
لم أستطع أن أكلمه في نفس اليوم؛ لكني واجهته بالغد، وشكرته كثيرا على كلمته المنصفة، وشكرته على احترامه للآخر، وفورا أخرج كرته الشخصي وقال لي هذا ليس فقط كلاما على منصة، هذا كرتي وأتمنى أن يكون لدينا مشروع ترجمة قادم من السعودية، رحبّت كثيرا بالفكرة وبإذن الله سيكون هناك مشروع بيننا.
في يوم 17 مارس جاءت كلمتي وقلتها باستحياء كبير لأني كنت أتحدث أمام قامات كبيرة، وأعلام وأهرام في المشهد الثقافي.
لقد كان المهرجان مهرجانا عظيما ولا غرابة في ذلك لأن البرفسور وائل فاروق وهو رئيس هذا المهرجان، ولقد عوّدنا لسنوات طويلة على إبداعه منقطع النظير.
إن وجود مثل هذه المهرجانات السنوية تعزز كثيرا الروابط الأدبية بيننا، وتنعش الأخوّة الإنسانية، وتمد جسور المحبة بين الجميع.
الترجمة ليست جسور للغات فحسب، إنما جسور محبة أيضا.