ركبت مع سائق التاكسي..
تخيلوا لم يسألني سؤالا واحد، لم ينطق بكلمة واحدة:
أقسم لكم بالله العظيم لم يتحدث يا ناس!!
لم يسألني عن حقيبتي السوداء ولا عن سبب مجيئي إلى هنا ومتى سأعود؟
لم يحمد الله على المطر الذي نزل على القرية..
لم يعرج على السياسة ولا كرة القدم ولا كأس العالم..
لم يتحدث عن كروية الأرض أو من يستحق استضافة اكسبو القادم!!
أنا مدهوش من قدرته على الصمت!!
لقد كانت أجمل توصيلة مع سائق في حياتي..
هذه التوصيلة تحديدا كنت بحاجة إلى الصمت فيها أكثر من أي شيء آخر..
أريده صديقا لي في حياتي، ليس سائق تاكسي..
من أين لي بواحد ليس له شهوة الحديث؟
صرت أتخوّل لحظات الصمت كما يتخوّل أحدكم لحظات الراحة..
كل يوم أكنس في بيتي الكلمات التي تود أن أقولها..
يتبرم عامل النظافة من كثرة الأكياس خارج بيتي كل يوم..
الناس يمتلكون مخزنا في البدروم لحفظ البيرة، وأنا بدرومي مليء بالكلمات المحشورة المعتقة من آلاف السنين..
لم يأتيني من يستحق أن أفتح له علبة الكلمات المعتقة من 1703م..
الفكرة الآمنة الوحيدة التي أعيش من أجلها كل يوم، هي العودة إلى البيت..
آه يا سائق التاكسي الصامت، أين أنت الآن؟