مع كل سفرة أسافرها يأتي الصراع الداخلي: هل أشتري كتابا جديدا من المطار أم آخذ أحد الكتب من مكتبتي؟
فمرة مع الرأي الأول، ومرة مع الثاني..
في هذه الرحلة وأنا متوجه إلى عرعر من أجل إلقاء دورة في مهارات الكتابة الإبداعية استقر بي الرأي أن آخذ كتابا من مكتبتي ووقع الاختيار على كتاب سيرة مارلين مونرو (قصتي) لبن هيكت.
وضعت الكتاب على الرف من أجل دسه في الشنطة، ولما وصلت إلى المطار لم أجد الكتاب، يبدو أن مارلين لا تحب السفر إلى عرعر، فذهبت إلى مكتبة فيرجن ووجدت قائمة من الكتب.
أما وإني سأشتري كتابا جديدا فالأحب لي أن يكون شعرا؛ لأن الشعر في السفر صديق صدوق، وأشعر معه بأني لست وحدي..
برز لي ديوان دخيل الخليفة من بين الكتب، وكلما يممت وجهي رأيته يمد عنقه من بين الكتب، وكأنه يقول أنا أنا..
أخذته وبدأت اتصفحه، وللأسف أعجبني..قرأته بعين ناقدة، بعين الأب الذي لا تعجبه خوارق ابنه، ويعجبه أدنى فعل لولد الجيران..
كان في خاطري طاقة نقدية ولا أدري لمن أوجهها، كنت أريد أن أفرغها على رأس دخيل ظلما وعدوانا؛ لكن هطوله أعجبني واختفت طاقة النقد وحضرت طاقة الإعجاب والتهليل والمباركة والابتسام كثيرا على قفشاته المبهرة..
الديوان مختارات شعرية من جميع دواوين الشاعر من أحدث إصدار عام 2016م إلى أول ديوان عام 1993م.
غلاف الديوان
أحببت دخيل من عام 2007 وما قبلها، شعرت أني قصيدة في تلك الفترة، إنه يطربني/ يسلبني/
ليس هذا أن دخيل الحالي لا يعجبني لكني شعرت بانقطاع مع وحيه..اقتربت أكثر من بداياته وكأنه يقبض على الدهشة باقتدار..
آسرتني كثيرا من قبضاته كقوله:
(عندما يكمل الحلم دورته
سأقود حصان الفضاء).
(مثل الفجعية بيني وبين الزفير
علّني
سأرجّح فيك احتمالين للموت
يا..
أيهذا الغموض الأخير).
(أطفال علّقوا ثوب الأبجدية
على حبل مقطوع).
(لأصطاد سمكة
تمشي على قدمين).
(فقط أعد لي وجهي القديم
أعدني لبعضي
لأطير إلى جهة خامسة
ولو بجناح مكسور).
ليس هذا نقدا، أعوذ بالله من ذلك، فليس مثلي من ينقد دخيل، ولكنها خربشات مسافر إلى عرعر بصحبة ديوان شعر..
في هذه الرحلة لم أكن وحدي بل كان معي الشعر وخليفة وديوانه، ونعم الصاحب ونعم الرحلة.
الكتاب من القطع المتوسط من إصدارات منشورات تكوين الكويت، يقع في 190 صفحة، الصادر عام 2018.
