هناك فئة جديدة اسمهم: القراء الجدد.
هؤلاء وإن كانوا على خير؛ إلا أنهم مفتونين بالتقنية، وباللهث وراء الإعجابات وإعادة تدوير منشوراتهم..
لا يكاد الواحد منهم يقرأ صفحة من كتاب إلا ونشر صورة منه، أو من داخل الكتاب، وهذا الفعل لا بأس به..
المشكلة الحقيقية عند هؤلاء أنه لا وجود لأثر ملموس لهذه القراءات عليهم، مع أنهم يقرأون أمّات الكتب، وكتب دسمة فكرية ودينية وأدبية؛ إلا أنك إذا حادثت أحدهم: لم تجد انعكاسا لهذا المقروء.
وإني أتعجب وأقول: ما فائدة القراءة إذن؟
إذا لم تظهر في الحديث أو في الإسلوب أو في أي مظهر من تمظهرات الحياة؟!
إن هؤلاء يمارسون الفعل القرائي، ولا يمارسون القراءة فعليا، ولذلك تنكشف عورتهم عند أقرب نقاش، وعند أطرف حديث..
بلاغاء وخطباء في مواقع التواصل، أميون في المشافهة..
هذا السعار لتصوير الكتب وقراءتها القراءة السريعة، يوضح لنا هشاشتهم المعرفية، ومدى ضعف قناتهم..
إن القراءة بحد ذاتها ليست هدفا، وقد قلت هذا الكلام ألف مرة..
إني أعتقد أن هؤلاء يتسترون بالمعرفة وبالقراءة، وإلا هم في الأساس ينتمون إلى حقل معرفي آخر غير حقل القراءة..
التظاهر بالقراءة أسوأ من عدم القراءة..
هناك دعوى فردية مقيتة تجوب هذا الجيل الجديد..
إنهم يدعون للفردانية، وللعزلة، وإلى اطراح المعلم والشيخ والمؤدب؛ ولهذا ظهرت على السطح مثل هذه الفئة؛ لأنهم اتخذوا الكتب شيوخا..
كيف يستطيعون فهم المستغلق، وشرح الغريب، والربط بين المتناثر، وفك أحاجي العلماء؟
هذه العزلة المقيتة تبني لنا أصنام من ورق، ومع أصغر ريح تسقط هذه الأصنام الورقية..
مهما كان التعليم الذاتي مهما؛ إلا أنه يأتي بعد التحصيل على يد المعلم والأستاذ والشيخ..
ثم إن بعضهم يدعو إلى عدم سؤال أحدهم عن ترشحيات للكتب قبل معارض الكتب، ويدعو القارئ إلى نزول المعرض بنفسه واختيار ما يناسبه، وهذا الرأي صواب لا غبار عليه، وفي المقابل لا غبار على من سأل، وعلى من رشّح الكتب؛ لأن الذي يرشّح في النهاية يعبّر عن وجهة نظره، وعن مدى خبرته في المجال، وهذه الترشيحات ليست ملزمة، وإنما هي من باب الاستشارة..
تسليم الخيط والمخيط للقارئ ليست الطريقة المثلى لأن يكوّن نفسه معرفيا؛ لأنه بحاجة إلى من يرشده في هذه الطريق..
الأمي أحسن حالا من القراء الجدد..
*تم نشره في العدد الثاني والثمانين من مجلة فرقد:
مقال حساس، لا اظن ان هناك من يقرأ من اجل التظاهر فقط، كل قارئ له هدف معين من القراءة، سوى كانت المتعة او الإثراء اللغوي او اكتساب المعلومات واهداف اخرى كثيرة. اما هوؤلاء من الاحسن ان نطلق عليهم اسم الهائمون بدل من القراء الجدد. وهذامجرد راي.