حينما رأيت إعلان توفر الكتاب الجديد (إسعافات أولية) للروائي السوداني المبدع أمير تاج السر في معرض القاهرة ضميته فورا للقائمة التي سأشتريها، والرجاء وضع خط على كلمة (شراء)..
وأقول الفعل (شريت) لأني لست من ضمن المقرصنين الذي يجولون في ردهات المكتبات الافتراضية التي تجاهر بتوفير الكتب المقرصنة..
شريت الكتاب لعدة أسباب، أولاها أني كاتب ولابد أن أدعم أخي الكاتب، ثانيا أن أمير تاج السر مبدع، وكتابه يستحق الاقتناء قبل الاطلاع عليه؛ لأنه من المحاربين القدامى في الكتابة.
المؤلف -رضي الله عنه- يشتكي من طلب بعض القراء للكتاب إلكترونيا خصوصا في أوائل أيام صدور الكتاب، ويعتبر هذا الطلب هزا لأرضية العلاقة بين القارئ والكتابة، والغالب أن تكون هذه الأرض هشة لاسيما للكتّاب الذين (لا يسعون إلى إقامة علاقات وثيقة مع قرائهم، ويعتبرون إبداعهم جسرا إجباريا للصداقة القرائية).
وكما في كتاباته السابقة يحث المؤلف على تشجيع القراءة ويشيد بدور “أندية القراءة” وهي فكرة جميلة تحث الشباب والمقبلين على الثقافة للقراءة بأسلوب عصري حديث.
ومن الجميل في الكتاب الواقعية الموجودة، وهذه الواقعية هي التي جعلته يقول أن (كورونا) ليس المسؤول الأوحد لكل الخيبات والانكسارات التي حدثت لنا، وإنما هو من جملة الأسباب، وكورونا -سبب- أدى إلى تفاقم الضرر أكثر من إحداث الضرر نفسه، وأنا أتفق معك أشد الإتفاق.
والمؤلف يذكر الواقع بلا تزييف وبدون تلميع لوجه الحقيقة، فهو يقول من ناحية حقوق الكتب ومتى يستلم الكاتب حقوقه (لن تستطيع الحصول على شيء، وأقسى من ذلك انك ستدفع آلاف الدولارات لتمول النشر ولن تستردها) وهذا الكلام معروف مخبور، وقد ذكرتُه مرارا وتكرارا في اليوتيوب وفي الكثير من اللقاءات؛ ولكن الناس يكذبّوني بفعلي فيقولون، وكيف تستمر أنت في النشر ولديك أكثر من 12 كتاب، فأقول هو شيء حُبب إليَّ ففعلته، وأنا من المحظوظين، إن كان يعتبر هذا حظا، وهو أن الدار تتكفل بتكلفة الطباعة، ولكن في نفس الوقت هي تأكل لوحدها، وأنا على طرف المائدة صائم دائما.
المؤلف يسأل بلسان القراء: هل معارض الكتب ضرورة؟
الإجابة: نعم ويجب أن تعامل مثل المولات والمحلات الكبرى، فمثل ما يكون في المولات تسوّق وبتطبيق الاجراءات الاحترازية، فجيب أن يكون الحال كذلك في معارض الكتب، فيفرض التباعد ولبس الكمامة وهكذا.
ولقد أشكل علي قوله أن الرواية تؤرخ للأحداث الكبرى بطريقة أفضل كثيرا من التاريخ؛ ولكني أعتقد أن الرواية ليست مصدرا معتمدا للتأريخ، نعم الرواية تتعاطى مع الحدث بشكل ممتع؛ لكننا لا نستطيع الاعتماد على الرواية في ذكر حقيقة تاريخية.
ومن العجيب في الكتاب أن المقالات لا تحمل عناوينا؛ بل هي مرقمة، والحقيقة أني توقفت أمام هذا الأمر فلا أدري هل هو جيد أم سيء؛ ولكنه جديد بالنسبة لي، وربما أعتمده في قادم كتاباتي..
إسعافات أولية ككتابه السابق (ذاكرة الحكائين) إبداع أدبي مصبوب في قالب “مقالات”.
لم يخيّب ظني أمير تاج السر، وهكذا حسن ظني به.
الكتاب من القطع المتوسط يقع في 296 صفحة من إصدارات منشورات الربيع، الصادر عام 2021م.