قد يكون أشهر مثال على الكاتب الشبح أنيس منصور.
ولا أدري إن كان ينطبق على أنيس منصور هذا الوصف؛ لأنه هو اعترف بنفسه أنه كتب كتبا لغيره.
وهناك تهم كثيرة وجهت للكاتب أحمد أمين أنه كان يأمر بوضع اسمه على بعض الكتب المترجمة، ولم يشارك في ترجمتها، أو في تحقيق بعض الكتب ولم يقم بتحقيقها، وهذا نوع فاخر جدا من أنواع “الكاتب الشبح”.
الكاتب الشبح هو الذي يكسب ماليا من قلمه دون ظهور اسمه، وتنشر كتاباته بأسماء الآخرين برضى منه.
وهذه الظاهر قديمة ليست حديثة، وإنما لكل عصر لها اسم، وتوصيف، فسابقا كتّاب الدواوين لدى الخلفاء هم الذين يكتبون للخلفاء الرسائل والمخاطبات ويردون كذلك على الرسائل التي تأتيهم من الدول المجاورة، وكذلك الحال الآن
في خطابات الساسة وقادة الدول؛ فإن هناك فريقا كاملا من الكتّاب يكتبون الخطابات الرسمية وكل ما يتعلق بالرئيس.
وهذه الظاهرة متفشية كثيرا عند الطلاب فتجدهم يبحثون عمن يكتب عنهم البحوث الدراسية، والفروض المنزلية؛ بل أن هناك متخصصين في مشاريع التخرج، وبحوث الترقية، والأبحاث المحكمّة.
الذين عالجوا هذه القضية فريقين: فريق يرى أن الكاتب الشبح يصدّر أدبا زائفا، ويخل بالمعايير الأدبية والأخلاقية، بل يذهبون إلى أبعد من ذلك ويقولون أن الكاتب الشبح يساعد على السرقة العلمية.
أما الفريق الآخر -وهم الكتّاب الأشباح- يرون أن مهارة الكتابة لا تختلف عن أي مهارة أخرى مثل الحياكة، والنجارة، والخياطة، وكل هؤلاء يبيعون نتاجهم لغيرهم، وكذلك الكتابة يدخل فيها البيع والشراء.
إنهم يرون أنها مصدر جيد للدخل، ولا تهمهم الشهرة الأدبية، والصيت العالي؛ ما دام أن القلم يدر عليهم ذهبا.
لا أعتقد أن هناك كاتبا شبحا يلجأ إلى هذه الحِيلة إلا من قلة ذات اليد، وهو يبحث عن أي طريقة لسد عوزه.
النائمون على الأرائك الجلدية، تحت المكيفات السبليت تهمهم أمانة الحرف أكثر من سد عوز الكاتب وعائلته.
لو كان حال الكتّاب العرب مثل حال أشقائهم في الغرب لما احتيج إلى التخفي خلف الأقنعة من أجل أن يعيش الكاتب حياة أقل من عادية؛ لأن الحياة الكريمة يبدو أنها صعبة جدا.
ميخائيل نعيمة في آخر حياته، كان يعيد طباعة كتبه القديمة بعناوين مختلفة من أجل أن يحصل على دريهمات قليلة من دار النشر.
الروائي أمير تاج السر عرض عليه أحد القراء عن طريق البريد الإلكتروني أفكارا للبيع، وقال القارئ أنه يملك أفكارا جيدة للكتابة؛ لكنه لا يُحسن الكتابة، ولذلك سيعرضها على أمير تاج السر مقابل مبلغا من المال.
ليتني أمتلك في قرائي مثل هذا القارئ النبيه.
قبل شن الحملات، والتخوين على الكاتب الشبح يجب فهم دوافعه، ومعرفة الأسباب التي جعلته يرضى بأن يكون خلف الكواليس..
التقدير الأدبي مهم؛ لكن المال سيد الموقف.
إن العنوان مثيرٌ للغاية ، يحركُ الصامتُ لديك تظنه في بادئ الأمر أمرًا فُكاهيًا ، ويغلبكُ الابتسام المُستمر ثم سُرعان ما تهرول ببصرك قارئا تلك السطور ؛ لتجدَ نفسك أمام نقطة غليظة ، غليظة جدًا ، بل وعنيدة كذلك تأبى أن تزول ، وتظل في إصرارك ، وتبقى هي في ثباتها …لذلك نحن لا نُدرك بواطن الأمور ولا نعرف ماهيتها ولا حتى الظروف التي تكونتْ فيها إلا إذا تشعبنا في عمقها …لعلنا نُدرك شيئًا حقيقيًا وحين الإدراك نُصاب بذلك الوخز البائس ؛إنه الألم البليد الذي يحل محل الابتسام العجل …
✍?فلذا أردتُ حينها أن أكون كاتبة شبحٍ أخرى …
ولكن لا لشيء، بل لأن يكون متنفسًا بعيدًا عن ضجيج الأسئلة ، ولكن فشلت أن أكون ذلك المقنع ..
أهنئك أستاذ حاتم على كهذا مقال عميق مزج كل الشعور وأضداده في الروح والفكر …
كل التحية لكِ أستاذة سميرة على هذه القراءة الرائعة، وعلى
هذا التعليق الذي سرني..
امتناني وتقديري لك حتى ترضين..
شكرا جزيلا