لطالما كان السؤال الكبير الذي يطرحه النقادوالناس على الطاولة: هل النص يكتب نفسه، أم الكاتب يكتب النص؟ أي هل الفكرة تلح بشدة في الخاطر حتى يشعر الكاتب برغبة شديدة في إنزال هذا الحمل من على كاهل خاطره، أم
أنه هو من يستكتب النص؟ وهذا جدلية قديمة وكل حزب بما لديهم
فرحون..
استجلب هذا الجدل وأنا أعد لحلقة مشارب (الفنون الجميلة) لأن الأستاذة مها مطران رسمت لوحة بعد قرائتها لقصيدة، فتعجبت!
كيف لقصيدة أن تتحول إلى لوحة؟
لوحة تتحول إلى قصيدة أمرٌ شائعٌ مشهور؛ بيد أن العكس قليل ولكن انقضى عجبي حينما أدركت أن الفنانين جميعا -ومن ضمنهم الكتّاب- يعشقون الجمال أينما كان، والرسام تحديدا هو خير من يمثل الفن الجميل..
أنا لستُ بعيدا عن هذا المجال فهناك قسم في مدونتي اسمه (حديث الصورة) أضع فيه استلهاماتي من الصور التي تعجبني، وهو من أفضل الاقسام لدى القراء بسبب العاطفة التي تضج بالمكان..
لقد تمنيت أن يحالفني الحظ وتحوّل الأستاذة أحد قصائدي أو نصوصي إلى لوحة، ماذا عساها أن تكون؟ وكيف سيصبح حرفي مرسوما في لوحة؟ وكيف سيهطل إبداعها على حرفي المسكين؟ وهذا الإعجاب لدى الأستاذة مها يدل على روح عالية تستلهم مصادر الفن من كل جانب، ولعل مثل هذا الأمر يكشف لنا العمق الذي يتمتع به الرسام..
لقد أعجبتُ بعبارة تقول (يمكن لو نتقابل تموت الأسئلة بالدور) فعملت عليها أبيات أقول فيها:
الشوق يجدف بالحنين ليسأله
هل ضاعت الأسماء خلف الأخيلة؟
روحٌ يقوضها الشتات كأنها
أيدي الأكارم حين تأبى المسألة
أفنيتُ عمري في تطلب وصلهم
ما ضرهم في الوصل قيد الأنملة
شوقي قديمٌ في محبتهم وهم
كل المشاعر في السلال المهملة
يا ليت شعري هل يعودوا ربما
عند اللقاء تموت دور الأسئلة
وهكذا هم أهل الفنون يولعون بالجمال أينما كان، وتستثيرهم عبارة أو جملة أو بيت، وربما الحالة الطقسية تؤثر في روح الفنان..
أنا لو أبيح لي التمنى للأستاذة لقلت أتمنى أن أرى كيف تستطيع تحويل هذه العبارة إلى لوحة (أغمض عيني فيسقط أصحاب لا دموع)..
وبهذا الأمنية نعود إلى المربع الأول الذي بدأت به المقالة هل النص يكتب المبدع أم العكس؟