2مارس

ممنوع الموايه بالخشوم (كورونا متهما)

أرسل لي أحد الأصدقاء قصيدة شعبية فكاهية للشاعر الإماراتي: محمد بن راشد الجماحي يقول في مطلعها:

ممنوع الموايه بالخشوم

بعد المرض ليا من الصين

بالخص يوم تكون مزكوم

لا تعدي اخوان المسلمين

ابتسمت حين سمعتها وعدت سماعها أكثر من مرة ولكني تمعنت في معانيها وقلّبت الأمر ظهرا لبطن، ووجدت أن الأمر يتعدى أمر الفكاهة إلى مصير حاد حيث أن الثقافة المحلية في خطر التغيير (المؤقت) بسبب الكارثة الصحية (كورونا)؛ فالشاعر يدعو إلى عدم السلام بالخشوم، وهي التحية المعروفة لدينا نحن أهل الخليج كافة بسبب المرض الذي أتى من الصين.

والسلام بملامسة الخشوم هي عادة أصيلة عند أهل الإمارات تحديدا وعند غالبية قبائل الخليج.

وهنا أقف متسائلا عن قوة وسطوة الثقافة المحلية، هل ستستمر أم أن لـ (كورونا) رأي آخر في القضية؟

الثقافة في باريس انهارت وخضعت أمام هذا الغول الصيني حيث ألغت معرض باريس للكتاب بسببه، وقبل هذا الإلغاء كان إغلاق متحف اللوفر أمام زائريه.

لا يمكن أن أمر قصيدة الشاعر مرور الكرام لأننا أمام انهيار نسق ثقافي بشكل يدعو للدراسة والتأمل.

كيف سيكون السلام بعد كورونا هل هو مصافحة باليد من بعيد؟ أم أن أصحاب العادات لن يتخلوا عن عاداتهم وسوف يستمرون بالسلام بالخشوم؟

هذا يذكرني بشكل أو بآخر بمرض الجاحظ الذي تناقلته الرواة، حينما خلط السمك واللبن، فقال له الطبيب الكندي: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، فقال: ولم لا؟ إن كان من جنسه فقد ازددنا منه، وإن كان ضده فقد تداوينا منه به، فأصيب بالفالج.

فسبحان الله كيف عمّى الله عنه الصواب، وهذا ليس بغريب عند أهل العقول الوقادة، والنفوس العبقرية فإنها تصاب بما يسمى بالغباء اللحظوي، فيقعون في أخطاء لا تقع فيها العامة بل دهماء الناس، ومن ذلك ما حصل لفيثاغورس والحساسية المفرطة من الفاصوليا والذي كان يحرم على نفسه أكل الفاصوليا ولمسها أو حتى الاقتراب منها، ومات بسبب أن جماعة أرادوا أن يقتلوه فهرب حتى وصل إلى حقل فاصوليا فما استطاع الدخول والهرب فأدركوه وقتلوه عند باب الحقل.

أصحاب معدلات الذكاء العالي لا يسلمون من ارتكاب أخطاء ساذجة، أو فترات من الغباء اللحظوي؛ ولذلك مات الجاحظ وفيثاغورس بأسباب تافهة وبغباء لحظوي مقيت.

هل سنعيد السيناريو من جديد، أم أننا سنتوقف عند هذا الحد ونضع حدا للسلام بالخشوم إلى أن يذهب عنا غول الصين العظيم.

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *